في مدينة ساربروكين الألمانية والتابعة لولاية زارلاند يعيش قرابة 10 آلاف سوري، وصلوا منذ بداية موجة اللجوء إلى ألمانيا، كثير منهم اختاروا الولاية الصغيرة على الحدود الفرنسية الألمانية، بسبب سرعة إجراءات اللجوء بالمقام الأول، وآخرين بسبب وجود أقرباء لهم فيها.
ويشكل السوريون 5% من سكان المدينة الهادئة والتي لا يتجاوز عددهم 185 ألفا، حسب بلدية المدينة، ومن يزورها لا يمكن أن يغفل عن هذه الخمسة في المائة، بسبب النشاط التجاري الذي يمارسه السوريون هناك. ورصد تقرير لموقع تلفزيون «سوريا» شارع «المالشتات» والذي كان شبه مهجور، ومشهور بتجارة المخدرات، حتى عام 2016، وفقا لأحمد الأخرس صاحب أكبر مستودع غذائيات في الشارع، حيث قال لتلفزيون سوريا ان الشارع «لم يكن يحتوي على أكثر من محلين اثنين يبيعان الأثاث المستعمل، وبسبب رخص المحال في المنطقة قررنا المباشرة في عملنا، وتحول الشارع تدريجيا إلى نقطة جذب للسوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام».
ويضيف الأخرس حول أسباب الاكتظاظ والحركة التجارية الكبيرة في الشارع بأن «السوريين غالبا ما يفضلون بضاعتهم التي يعرفونها، وكذلك في المحال السورية تباع المنتجات الحلال، لذا لا يستغني السوري عن البائع السوري حتى في ألمانيا».
يحتوي الشارع على عشرات المحال المتنوعة في الطعام السوري كالفلافل والفطائر والشاورما والبروستد وغيرها، إضافة إلى محال مختصة بالغذائيات والمعلبات والموالح، كما تنتشر المحال المختصة ببيع اللحوم الحلال، والحلويات الشرقية، والمفروشات والشرقيات، والألبسة.
ويقول أيهم صالح والذي يعمل في محل فطائر: «إن محال السوريين لاقت ترحيبا من الدولة الألمانية بعد أن تحول الشارع إلى عصب تجاري في المدينة، وعندما افتتح المحل الأول، تشجع الثاني وهكذا، حتى بات فتح مطعم أو محل جديد في المنطقة قد يصل إلى أكثر من 100 ألف يورو، بسبب كثرة الزبائن وحيوية الشارع».
وحول الإقبال الشديد للسوريين تقول فاطمة السيدة الخمسينية للموقع ذاته: «أبحث دائما عن منتجاتنا، ولليوم أشتري معظم ألبستي من البضاعة التي يبيعها السوريون، والأغذية كذلك «أطيب من أكلنا ما في «خاصة كما تعودنا، ونلبس كما تعودنا، ونأكل أيضا كما تعودنا، وبهذا نحاول تخفيف وجع غربتنا».
ويؤكد وليد صاحب محال حلويات أن الشارع لم يكن مأهولا سابقا، وكان موحشا وخطيرا في بعض الأحيان حسب تعبيره، إلا أن جهد السوريين وإصرارهم على افتتاح محال تجارية فيه، غير ملامح الشارع، وهويته، وأصبح مقصدا للسوريين والعرب حتى الذين يعيشون في المدن الفرنسية القريبة.
ويقيم في ألمانيا قرابة مليون سوري وصل معظمهم بين عامي 2015 و2016، كثيرون منهم حاولوا بناء حياة مستقرة في البلد الجديد، وعماد هذه الحياة كان العمل، إما باختيار مهنة جديدة عبر التدريب المهني «أوسبيلدونغ» أو بالعمل الخاص، كالذين وجدوا في المالشتات ضالتهم بسبب رخص المحال، وقربه من مركز مدينة زاربروكين، وكذلك نهر «السار» والذي اعتمده السوريون في المدينة مكانا «للسيران» والتجمعات العائلية.
وتقول مها: «إن «المالشتات» سوق بات يشعرنا بالانتماء ومكان لتجمع للسوريين، نسمع لهجتنا، ولا نشعر أننا وحيدين في ألمانيا، وعندما لا نعلم إلى إين نذهب نأتي إلى هنا، قريبا من النهر، وفيه كل شيء، حتى محال الذهب لا وجود لها سوى في هذا الشارع».