مَلايِينُ يومَ الْأربعينَ تُجَدِّدُ
وأُخْرَى أَهازِيجَ الْوَلاءِ تُرَدِّدُ
عَجِبْتُ وقد مَرَّتْ قُرُوْنٌ عَدِيْدَةٌ
ولَمّا تَزَلْ نِيرانُها تَتَوَقَّدُ
وَقَفْتُ وبِيْ شَوْقٌ أُراقِبُ سائِراً
بِهِمَّتِهِ فوقَ السِّماكَيْنِ(1) يَصْعَدُ
يَسيرُ ودُنْيا الْوالِهِينَ تَحُوطُهُ
فلا فَزَعاً يَخْشَى ولا مَنْ يُهَدِّدُ
نِساءٌ وأطفالٌ وشِيْبٌ وفِتْيةٌ
لِكُلِّ مَعانِي الْوُدِّ جاءَتْ تُجَسِّدُ
يُجَنِّحُ في أَعْماقِها الْحُبُّ عاصِفاً
يُخامِرُها شَوْقٌ وتَحْنُو لَها يَدُ
وَجَدْتُكَ يَابْنَ الْخِيْرَتَيْنِ قَضِيَّةً
مَبادِئُها عَهْدٌ وعَزْمٌ ومَوْعِدُ
فحارَتْ بِهَا الْأَفْكارُ مُنْذُ انْطِلاقِها
ففي كُلِّ عامٍ حُزْنُها يَتَجَدَّدُ
أَبَى اللهُ إلّا أنْ تَكُونَ مَنارَةً
لِأهْلِ التُّقى نَهْجٌ ودَرْبٌ مُعَبَّدُ
مَلايينُ مِنْ كُلِّ الْبِلادِ تَوافَدُوا
مُعَزِّينَ فيها والْمُعَزَّى مُحَمَّدُ
أَسائِلُ نَفْسِي مَنْ سِواكَ يَقُودُهُمْ
فيَأْتِي نِداءُ الْحَقِّ : أَنْتَ الْمُوَحِّدُ
فمِنْ طائِفٍ حَوْلَ الضَّرِيحِ يَشَمُّهُ
وباكٍ ومِنْهُمْ ساجِدٌ يَتَعَبَّدُ
ألا كُلُّ مَجْدٍ دُوْنَ مَجْدِكَ زائِلٌ
وكُلُّ خُلُودٍ دُوْنَ ما نِلْتَ يَخْمُدُ
رَعَى اللهُ وادٍ فيهِ حَطَّتْ رَكائِبٌ
تَقُومُ لَها دُنيا الْإِباءِ وتَقْعُدُ
ويا فِتْيَةٌ باعُوا الْحَياةَ بِعِزَّةٍ
تَسامَوْا عُلاً فَوْقَ النُّجُومِ وشَيَّدُوا
عَشِقْتُكَ والْعِشْقُ الْمُبَرَّحُ مالِكِي
إذا مَا اعْتَرَتْنِي حَيْرَةٌ فيهِ أسْعَدُ
أنامُ وفي قَلْبِي مِنَ الشَّوْقِ جَذْوَةٌ
وأَصْحُو وقد لاحَتْ قِبابٌ ومَرْقَدُ
سَنا الْبرْقِ هَبْ لي يا سَنا الْبَرْقِ مَرْكَباً
أطُوفُ بهِ دُنْيا الْخُلُودِ وأُنْشِدُ
أُلامِسُ فيهِ النَّجْمَ فوقَ أَعِنَّةٍ
مِنَ النُّورِ لا تَخْبُو ولا تَتَبَدَّدُ
تَحُومُ الْمَنايا حَوْلَ نَهْجٍ سَلَكْتَهُ
ولكِنَّهُ النَّهْجُ الْقَوِيمُ الْمُسَدَّدُ
فإمّا خُضُوْعٌ لِلدَّعِيِّ وذِلَّةٌ
وإمّا إِباءٌ فِيْهِ عَزْمٌ وسُؤْدَدُ
فلَمْ تَرْتَضِي غَيْرَ الْإباءِ شَرِيعَةً
فها أَنْتَ لِلْأحرارِ كَهْفٌ ومَقْصَدُ
********
(1)- نجمان نيّران من أعلى النجوم في السماء
قصيدة الشاعر الراحل علي يوسف المتروك في مناسبة ذكرى أربعين الإمام الحسين 20 صفر لعام 1437 الموافق 2015/12/1