القرآن كلام الله عز وجل، نزل به الروح الأمين على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لهداية الناس أجمعين، فهو كلام الله المعجز بلفظه المتعبد بتلاوته المفتتح بسورة الفاتحة والمنتهي بسورة الناس، وسمي قرآنا لأنه يجمع السور ويضمها، وله أسماء أخرى هي الفرقان، الكتاب، النور، التنزيل، الحق، الذكر، وغير ذلك.
والقرآن كتاب مذهل أبهر الحكماء وأفحم الخطباء وتحدى الأدباء البلغاء، متانة بنيان وإشراقه فصاحة وبيان، وهو بعد حبل الله المتين ونوره المبين، وصراطه المستقيم وعروته الوثقى، لا تنقضي عجائبه، كلما زدناه تبصرا وتأملا وتفكرا زادنا هداية، له تأثير بالغ على النفوس وسلطان بيِّن، يخاطب قلوبنا فتخشع وأنفسنا فتخضع، وعقولنا فنقنع.
سمعه عتبة بن ربيعة وهو من زعماء قريش فقال لقومه من الكفار: لقد سمعت قولا ما سمعت مثله قط، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين الرجل وما يريد، فوالله ليكون لكلامه شأن، فقالوا: سحرك محمد ورب الكعبة.
وسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو حكيم قريش، فقال لقومه: والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أوسطه لمشرق، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، ووالله ما هذا بكلام بشر.
حتى النجاشي أصحمة عندما أسمعه جعفر بن أبي طالب آيات من سورة مريم، بكى وبكى من حوله، وقال: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، وأعلن إسلامه.
حتى الجن حينما سمعوا القرآن أذهلهم وأدهشهم، فقالوا: (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا) (الجن 1-2). إن القرآن الكريم كتاب مجيد ونمير عذب، رواء للقلوب العطشى وتذكرة وعبرة لمن يخشى، نتلو آياته بقلوبنا وعقولنا، فتستولي علينا مشاعر المهابة والتعظيم لله عز وجل، فإن أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع له قلبك وأيقظ عقلك وأرهف سمعك وفعل حواسك، فليس أعظم من القرآن إلانة للقلوب واستدرارا للدموع هذا، ودمتم سالمين.