حينما مات والد شمعون المصري، أراد أن يحمل جسده إلى داره، فقال له «بصلئيل بن حور»: إن في جسد الميت نجاسة ولا يجوز تجهيزه في الدار. يقول «شمعون»: آلمتني كلمة «نجاسة»!! يا الله! كيف يوصف هذا الجسد الطيب والقلب النقي بالنجاسة؟! أم ترى أن طهارته كانت في روحه التي انفصلت عنه إلى مكان مجهول؟!
***
قيل في وصف حياة الإنسان في رواية أوراق شمعون المصري: «حياة فانية أرضية، ثم حياة برزخية فيها روح بلا جسد، ثم حياة أخرى بالروح والجسد في أبهى صورة وأسماها بجوار الرحمن!».
***
الجسد هو وعاء الروح، والروح هي نبض يسري في الجسد، انفصال أحدهما عن الآخر يفقد الآخر قيمته، لكن الروح تبحر في عالم آخر.
***
الروح أمرها وعلمها وكنهها عند الله عز وجل، يقول تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) سورة الإسراء.
***
الروح حار فيها العلماء الكبار والفلاسفة العظام، سطرت فيها الكلمات، وكتبت من أجلها العبارات، الروح شيء غير محسوس فيفحص، ولا مرئي فينظر، ولا مكتوب فيقرأ، الروح أمرها عجيب، فقد تجد المريض السقيم يعيش وتطول حياته، وترى السليم الصحيح يموت وتنتقص حياته.
***
المعايير مختلفة مع الروح، فالأموال تزدهر بالتجارة، والمعرفة تنمو بالقراءة، والأجسام تبنى بالرياضة، لكن الروح لها خط مختلف ومسار منفرد.
***
الجسد لا يعول عليه كثيرا، فالعمر يقتله، وصروف الدهر تذبله، والهموم تثقله، والحوادث تؤلمه.
***
أما الروح فبتقويتها ينشط الجسد وإن كان مريضا، وتحيا الروح وإن كانت عليلة، وتقوى العزائم وإن كانت المثبطات كثيرة.
***
الروح هي التي لا فكاك منها، فروحك تبقى تلازمك في دنياك وآخرتك، أما الجسد فمرده إلى زوال ومآله إلى انحسار، ثم تبعث من جديد، ولكن بهيئة وشكل مختلف يعلمه الله، فاهتم بالباقي لكي تسعد وتنجو وتفوز يوم القيامة.
[email protected]