بيروت - زينة طباره
رأى الخبير في الإستراتيجيات العسكرية العميد الركن المتقاعد جورج نادر في حديث إلى «الأنباء»، أن مشهدية الدماء والدمار والتهجير الراهنة «كانت متوقعة منذ اليوم الأول الذي أطلق فيه حزب الله حرب الإسناد والمشاغلة. فالعدو الإسرائيلي وبعدما قصم ظهر حركة حماس وشارف على طي صفحة حربه على غزة تفرغ للبنان، فتجاوز خطوط التماس مع الحزب في الجنوب مستهدفا المواقع الخلفية للأخير ومخازن أسلحته وصواريخه وقياداته العسكرية أينما تواجدت في العمق اللبناني».
واعتبر نادر «أن ما نراه من تطور في العمليات العسكرية الإسرائيلية يسمى في العلم العسكري استغلال النجاح، أي متابعة الضربات العنيفة والاستمرار في استهداف كبار القادة، لمنع الحزب من لملمة نفسه وإعادة تنظيم قواته العسكرية، وصولا إلى إنهاكه بالكامل وبالتالي إنهاؤه»، وهذا يعني من وجهة نظر نادر، «أن الإسرائيلي لن يستجيب لأي مسعى دولي يراد منه وقف إطلاق النار، ولن يوافق بالتالي على أي تفاوض أو تسوية أو اتفاقية قبل تحقيق هدفه الأم، ألا وهو إنهاء حزب الله وإلحاقه بمصير حماس، خصوصا أن المجتمع الإسرائيلي يمارس رغم انقسامه أقصى الضغوطات على رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، لدفعه إلى الانتهاء من ساحات المقاومة في محيط الكيان الإسرائيلي».
وأكد نادر ردا على سؤال «أن الحرب الراهنة بين حزب الله وإسرائيل ستنتهي حكما بغالب ومغلوب، خصوصا أن الداخل الإسرائيلي يعتبر وجوده مهددا من قبل حزب الله وحركات المقاومة في المنطقة، ويخوض بالتالي حرب وجود على قاعدة نكون أو لا نكون، ولن ترضى إسرائيل بإعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم قبل القضاء على عوامل ومصادر التهديد لحياتهم ووجودهم، أي ان لبنان الـ 10452 كيلومترا مربعا سيبقى عرضة للاستهدافات الإسرائيلية، وعلى موعد مؤكد بالتالي مع المزيد من الضربات الصاروخية والاغتيالات الجسدية، خصوصا أن الإسرائيلي لا يقيم أي اعتبار لقانون النزاعات المسلحة، الذي يفرض تحييد المدنيين والمنشآت الاجتماعية من مستشفيات ومدارس ودور عبادة».
وتابع: «الحرب بين حزب الله وإسرائيل غير متكافئة عسكريا، أولا من حيث الخبرات القتالية، وثانيا من حيث نوعية التسلح، وثالثا والأهم من حيث العمل الاستخباراتي معززا بالتقنيات التكنولوجية. والكلام بالتالي عن تفوق جوي لإسرائيل مغلوط وغير سليم. فالحقيقة كل الحقيقة، ان هناك سيطرة جوية كاملة لإسرائيل نظرا لعدم امتلاك حزب الله مقاتلات جوية تفرض هيمنتها، وتحول دون تمكين العدو من تحريك قواته على الأرض».
وأضاف نادر: «كان باستطاعة حزب الله قبل اغتيال فؤاد شكر وابراهيم عقيل إيجاد سبل الخروج من هذه الحرب والحفاظ على ماء الوجه، وذلك من خلال ديبلوماسية حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري. أما وقد تخطى الإسرائيلي قواعد الاشتباك، فقد أقفلت كل المخارج، وما عاد بالتالي باستطاعة الحزب لا ان يتراجع عن حربه، ولا حتى ان يقبل بتطبيق القرار 1701، تحسبا لردة فعل قاسية من قبل بيئته التي ستعتبر هذا التراجع بمثابة الهروب والتدحرج على حساب دماء الشهداء وأرزاق الناس».
وختم نادر معتبرا «ان لبنان مصلوب على خشبة المصالح الإقليمية، وقد أقحم عنوة ورغم أنف اللبنانيين في حروب من شأنها القضاء على ما تبقى من مقوماته كدولة وكيان. فحزب الله يخوض حربا عبثية غير متكافئة كرمى لمصالح ايران، فيما الإسرائيلي يخوض حرب المشروع الصهيوني القائل: أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات».