قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه في سابقة تاريخية مهمة، تجاوزت صادرات المنتجات المكررة الكويتية صادرات النفط الخام لأول مرة على الإطلاق من حيث الكمية والقيمة في الربع الثاني من العام الحالي.
وذكر «الوطني» أن الكويت حافظت على استقرار معدلات إنتاج النفط الخام خلال الربعين الثاني والثالث من العام الحالي عند 2.41 مليون برميل يوميا، إلا أن إنتاج المنتجات المكررة ارتفع إلى مستوى قياسي (1.39 مليون برميل يوميا)، إذ تم تحويل المزيد من النفط الخام الذي كان يتم توجيهه إلى أسواق التصدير للمصافي المحلية لتلبية الطلب من أوروبا والشرق الأقصى على زيت الغاز وزيت الوقود منخفض الكبريت.
أما بالنسبة للتطورات المستقبلية، فإنه ووفقا لجدول إنتاج «أوپيك» وحلفائها، قد يرتفع إنتاج الكويت بمقدار 135 ألف برميل يوميا إلى 2.55 مليون برميل يوميا بنهاية عام 2025.
وأشار التقرير إلى أن أسعار النفط انخفضت بأكثر من 15% في الربع الثالث من العام الحالي وسط المخاوف المتعلقة بجانب الطلب، خاصة من جهة الصين، إلى جانب المخاوف المتعلقة بفائض إمدادات النفط العالمية في الربع الرابع من 2024 وحتى 2025، واستقر سعر خام التصدير الكويتي عند 74.3 دولارا للبرميل (-15.5% على أساس ربع سنوي) بنهاية سبتمبر الماضي، في حين أنهت العقود الآجلة لخام برنت تداولات الشهر على انخفاض، لتصل إلى 71.8 دولارا للبرميل (-16.9% على أساس ربع سنوي).
ولم يكن لقرار «أوپيك» وحلفائها، الذي صدر في سبتمبر بشأن تأجيل إلغاء التخفيضات الطوعية لعام 2024 (بنحو 2.2 مليون برميل يوميا) لمدة شهرين حتى ديسمبر، سوى تأثير محدود لكبح هذه التراجعات الحادة، وبحلول نهاية الربع الثالث من العام الحالي وحتى أوائل شهر أكتوبر، بدأت الأسعار تستجيب بشكل إيجابي في ظل امتداد الصراع بين غزة وإسرائيل إلى لبنان، ما دفع بحزب الله وإيران إلى دائرة الصراع (لامس سعر خام برنت 74 دولارا للبرميل في 3 أكتوبر).
وتشير أساسيات السوق الحالية لتراكم المخزونات بمعدلات كبيرة في عام 2025، إلا أن السعودية ألمحت إلى أنها قد لا تدعم خفض الأسعار بعد الآن من خلال تقليص الإمدادات في الوقت الذي يتجاهل فيه العديد من أعضاء «أوپيك» وحلفائها الالتزام بالحصص المقررة والوفاء بالتزاماتهم بالخفض التعويضي.
النمو الاقتصادي
وعلى صعيد أداء الاقتصاد الكويتي، ذكر تقرير بنك الكويت الوطني أن المؤشرات الرئيسية تشير لنموه بوتيرة ضعيفة، إلا أنه قد لا يكون بعيدا عن الوصول إلى مرحلة الانتعاش الدوري، ومن المعروف أن نمو الناتج المحلي غير النفطي كان قويا بشكل مفاجئ في الربع الأول من العام الحالي، إذ اتخذ منحنى تصاعديا نتيجة لتأثير قاعدة الأساس ضمن قطاع تكرير النفط.
وبقي نمو الإنفاق الاستهلاكي ضعيفا بالربع الثاني، في الوقت الذي تباطأت فيه وتيرة نمو مؤشر مديري المشتريات لنشاط القطاع الخاص بالربعين الثاني والثالث، وإن كانت قراءة المؤشر تشير لارتفاع إنتاج الشركات، وتأثرت أنشطة إسناد المشاريع والمبيعات العقارية بالهدوء الموسمي في الربع الثالث رغم المؤشرات التي تشير لإمكانية تزايد الزخم بالربع الأخير من العام.
وكان لتسارع نمو الائتمان المصرفي في الربع الثالث، خاصة على صعيد إقراض أنشطة الأعمال، وقعا إيجابيا على أداء الاقتصاد الكلي بصفة عامة، ومن المتوقع تحسن أداء الائتمان الشخصي وائتمان قطاع الأعمال بعد بدء بنك الكويت المركزي دورة خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
الناتج المحلي غير النفطي
وفيما يخص الناتج المحلي غير النفطي للكويت، ذكر «الوطني» أن البيانات الأولية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء، كشفت عن تحسن وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الربع الأول من عام 2024 إلى 4.7% على أساس سنوي مقابل الانكماش الذي سجله في الربع الرابع من عام 2023 (-2.3%).
وأوضح التقرير أن هذا التحسن يعزى للنمو القوي الذي شهده قطاع الصناعات التحويلية (بما في ذلك أنشطة تكرير النفط)، الذي ارتفع بنسبة 20% مقارنة بانخفاض بنسبة 8.8% في الربع السابق، إلى جانب الخدمات الأخرى (معظمها عقارية)، التي ارتفعت بنسبة 7% تقريبا.
من جهة أخرى، تراجع الناتج المحلي للقطاع النفطي بوتيرة حادة في الربع الأول من العام بنسبة 9.8% مقابل -6.4% في الربع الرابع من عام 2023، ما يعكس خفض الإمدادات النفطية الذي تقوده «أوپيك». وسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي تراجعا بنسبة 2.7%، في انخفاض أقل حدة مما كان عليه في الربع السابق (-4.4%).
الإنفاق الاستهلاكي
وأشار تقرير «الوطني» إلى أن بيانات البطاقات المصرفية في الربع الثاني من العام الحالي، كشفت عن استمرار نمو الإنفاق الاستهلاكي بوتيرة معتدلة على مدار ثلاثة أعوام. وتراجع معدل نمو الإنفاق المحلي إلى 4.8% على أساس سنوي، مقارنة بارتفاعه إلى 5.9% في الربع السابق، ما يعتبر أبطأ معدل نمو للإنفاق المحلي منذ ذروة الجائحة في الربع الثاني من عام 2020. وفي المقابل، شهد الإنفاق في الخارج تسارعا ملحوظا بنسبة 17%. وبصفة عامة، ارتفع الإنفاق باستخدام البطاقات المصرفية بنسبة 5.4%، ليصل إلى 12.1 مليار دينار.
847 مليون دينار المبيعات العقارية بالربع الثالث
قال تقرير بنك الكويت الوطني إن المبيعات العقارية المحلية انخفضت بنسبة 0.8% على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من 2024 لتصل لنحو 847 مليون دينار نتيجة تراجع مبيعات القطاع التجاري التي انخفضت بنسبة 50%، على أساس ربعي وذلك بعد الأداء القوي الذي شهدته في الربع السابق، في حين ارتفع إجمالي المبيعات على أساس سنوي بنحو 25% في الربع الثالث (ارتفعت المبيعات بنسبة 46.4% على أساس سنوي في سبتمبر).
كما سجلت مبيعات القطاع السكنى أعلى نمو منذ الربع الثاني من عام 2021 بنحو 14%، على أساس ربعي (8.2%، على أساس سنوي) لتصل إلى 384 مليون دينار. وشهدت مبيعات القطاع الاستثماري نموا قويا نسبته 42.1%، على أساس ربعي، لترتفع إلى 317.1 مليون دينار.
وبالنظر للمستقبل، فإن مبيعات القطاع السكني لاتزال ضعيفة وتعكس عدد من التحديات الرئيسية، بما في ذلك نقص المعروض وارتفاع التقييمات وضعف الطلب، إلا أن توقع انخفاض تكاليف الاقتراض قد يدعم الطلب خلال الفترة المقبلة في ظل سعي الحكومة لتنشيط السوق العقاري.
580 مليون دينار المشاريع المسندة في 3 أشهر
ذكر تقرير «الوطني» أن نشاط سوق المشاريع المحلي بقي قويا في الربع الثالث من العام الحالي، مقارنة بالسنوات الأخيرة، إذ بلغت قيمة المشاريع المسندة 580 مليون دينار، وبالاتساق مع الاتجاه الموسمي، انخفض النشاط بنسبة 19% على أساس ربع سنوي (-16% على أساس سنوي)، إلا أن الأداء في الربع السابق كان قويا.
وكان قطاع الطاقة والمياه الأكثر نشاطا من حيث قيمة المشروعات المسندة في الربع الثالث، مستحوذا على ثلاثة أرباع إجمالي نشاط السوق. وقامت وزارة الكهرباء والماء بطرح مناقصات لتطوير وتحديث المحطات الفرعية القائمة بما في ذلك الدوحة والصبية.
ولا تزال التوقعات قوية على المدى القريب، إذ من المرجح أن ينتعش نشاط قطاعات الكهرباء والماء والإنشاءات والطاقة بما يتسق مع أولويات خطة التنمية الحكومية، وتتوقع مجلة ميد وصول قيمة المشاريع المسندة لنحو 3.3 مليارات دينار في الربع الرابع من عام 2024، على أن ترتفع بنحو 5.3 مليارات دينار أخرى في النصف الأول من عام 2025.
تراجع التضخم هامشياً في أغسطس
أشار تقرير البنك الوطني إلى أن تضخم مؤشر أسعار المستهلكين سجل في أغسطس تراجعا جزئيا إلى 2.9% على أساس سنوي مقابل 3.0% في شهري يونيو ويوليو، واستمر تضخم فئة الأغذية والمشروبات (+6.0%) وفئة السلع والخدمات المتنوعة (+5.3%) بصفة خاصة مسجلا في أغسطس مستوى أعلى بكثير مما كان عليه في بداية العام.
وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني تكاليف الغذاء والسكن، إلى 3.2% في أغسطس (يوليو 3.1%)، مدفوعا بارتفاع أسعار الملابس (+5.8%) وكذلك فئة السلع والخدمات المتنوعة، إلا أنه من المتوقع أن يستمر الاتجاه الهبوطي للتضخم ويبقى على المسار الصحيح لتسجيل معدل نمو سنوي بنسبة 3.0% في المتوسط مقابل 3.6% في عام 2023.