خلال المقالين الأخيرين تطرقت إلى جوهر «روح أكتوبر» الذي كان سبباً رئيساً لما حدث في حرب السادس من أكتوبر، تلك «الروح» المثابرة.. المضحية.. الآثرة.. المقاتلة.. التي خرج معها أفضل «أخلاقيات» وقيم المصريين.. وتساءلت عما حلّ بـ «روح أكتوبر»، وكيف نستعيدها، ونحن اليوم أحوج ما نكون لاستلهامها لمواجهة ما يحيط بنا من أوضاع.. وتحديات في الداخل والخارج.
وكيف نعيد إحياءها لنستوعب ونواجه ونتصدى لما يحاك حولنا ضد أشقائنا في فلسطين وسورية ولبنان والسودان وليبيا واليمن والعراق وغيرها مما لا نعرف متى يصيبه الدور؟
وفي مقال الأمس جاء رد «جزئي» على السؤال: ألا وهو العمل.. ثم العمل، لنتحدى كل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونصر على البناء والتشييد والاستمرار في نهج المشروعات العملاقة لقطاع البنية الأساسية والتنمية المستدامة فكان افتتاح محطة قطارات بشتيل والعديد من مشاريع الطرق العملاقة.
وتذكرت أنني عام 2017 كتبت مقالاًً يوم الاربعاء 18 يناير بعنوان «حكومة ملحقة بهيئة!!» أؤكد أن الحكومة وقتها تحولت إلى تابع لإنجازات «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» ورئيسها - حينئذ اللواء كامل الوزير الذي استحوذ على أغلب انجازات الحكومة المنظورة، وتساءلت يومها بوضوح: «أين دور الحكومة في تنفيذ خطة إعادة بناء الإنسان المصري؟».. وأين طريق «ثورة التعليم الشاملة والمخطط الوطني لإعادة غرس منظومة الأخلاق والقيم والمثل العليا في المجتمع المصري؟».
وبعد قرابة 8 سنوات على المقال أجد أن السؤال مازال مطروحاً، ولم تتم الإجابة عنه طوال هذه المدة!! تغير وزراء التعليم «عبقري تلو الآخر». وبقيت منظومة التعليم تخرج «سناترها» و«مافياتها» ألسنتهم لنا جميعاً! وكلما استبشرنا خيراً بوزير استقال أو أقيل!
أما عن منظومة القيم والأخلاقيات والمثل العليا وتراجعها أو «اختلال» مكوناتها.. فحتى أيام قليلة كانت إمبراطورية «السوشيال ميديا» تتغلغل وتنتشر وتسيطر على المجتمع.. طاردة كل ما هو «حق أو خير أو جمال» ومطاردة أي «مثل عليا» حاولت البقاء والتمسك بأهداف الفضائل.
وأمامكم رموز المجتمع ونجومه يتألق جاهلهم.. ويلمع بلطجيهم.. وتتلألأ ساقطاته بين مغنٍ بالصدفة و«رد سجون» أصبح أسطورة.. وتيك توكر عارية تجسد أحط رموز الرذيلة.. فتستضيفها الفضائيات وتنشر «رذائلها» الشاشات.. واختفت من الساحة الرموز الحقيقية من علماء وصنّاع وزراع ورجال أعمال ينفقون بيمناهم ما لا تعرفه يسراهم.
حتى جاء بصيص أمل يسعى لدحر جحافل الظلام متمثلاً في مبادرة «بداية».. التي طرحها رئيس الجمهورية.
بداية جديدة لبناء الإنسان.. فما هي.. وما نتوقعه منها؟
وللحديث بقية.. إن كان في العمر بقية..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy