[email protected]
أبدأ من حيث انتهى مقال الأمس عند ظهور بصيص أمل يسعى إلى دحر جحافل الظلام التي عصفت بمنظومة التعليم وأطاحت بمصفوفة القيم والمثل والمبادئ وغيرت معايير «رموز» المجتمع.. هذا البصيص المتمثل في مبادرة «بداية» (بداية جديدة لبناء الإنسان)، وغير بعيد عن ذلك أبدأ بتعزية من قلب يقطر دماً حزناً على أبنائنا طلاب جامعة «الجلالة» الذين لقوا مصيرهم في حادث انقلاب حافلة على الطريق الساحلي، ندعو الله أن يتغمدهم برحمته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر، ويتم شفاء أبنائنا المصابين منهم.
.. والحادث المأساوي يقع في القلب من موضوع مقال اليوم عن مبادرة بناء الإنسان، فعندما يفقد 12 طالباً وطالبة حياتهم ويصاب العشرات بسبب «السرعة الزائدة»، كما أفادت التحريات، بمعنى أن السائق لم يحترم قواعد المرور، ولم يشعر بمسؤوليته عن عشرات الأرواح المعلّقة بين يديه الممسكتين بعجلة القيادة، هنا لا بد من وقفة حول بناء الإنسان المصري وتأهيله للعمل الذي يقوم به خاصة إذا تعلق هذا العمل بأرواح البشر مباشرة.
.. ولا أستطيع أن ألقي ببعض اللوم على أبنائنا الطلاب الذين سمحوا لسائق أرعن وغير مسؤول وغير مهني وغير مؤتمن بأن يتلاعب بحيواتهم، لأننا في مصر - للأسف - لا يوجد لدينا أي منظومة حماية من «السائق الأرعن» أو حتى المتعاطي، سواء كان سائق حافلة أو ميكروباص أو أجرة بأنواعها، ولا يوجد «رادع» حقيقي يخشاه هؤلاء «القتلة المحتملون»!
أقصى ما يستطيعه الراكب مع أمثال هؤلاء القتلة هو «تلاوة الشهادة» أو إبداء النصح على استحياء وتحمل «بلطجة» السائق، أو مغادرة الحافلة أو السيارة إذا كان المكان يسمح بذلك، ولكن لماذا لا تعطى «قيادات مرور الطرق السريعة» وضباط المرور، كل في مكانه، صلاحيات تلقي شكاوى الركاب من خلال «أرقام ساخنة» أثناء وجودهم داخل المركبة التي يقودها «قاتل محتمل»، ويتم اعتراضها فوراً واستباق الكارثة؟!
ولماذا لا توجد لدى «الإنسان» المصري «شجاعة» الدفاع عن حياته وإجبار السائق الأرعن على الالتزام بقوانين المرور؟.. أنت مثلاً أيها القارئ العزيز.. كم مرة تعرضت لموقف الوجود داخل مركبة يقودها «قاتل محتمل»؟ وماذا فعلت؟.. أعرف الإجابة مسبقاً!!
ويا سيدي.. هؤلاء القتلة المحتملون يطبقون مبدأ «من أمن العقوبة.. أساء الأدب».. فلا أحد يحاسبهم على تهورهم وانفلاتهم إلا بعد وقوع المأساة وإزهاقهم لأرواح البشر، ولو علموا بفداحة العقوبة فلربما.. ربما فكروا مرتين.. ولكن هل تعلم يا عزيزي أن أقصى عقوبة لهؤلاء القتلة المهووسين بالسرعة لا تتجاوز 7 سنوات سجناً إذا تجاوز عدد الضحايا 3 أرواح.. دون حد أقصى، طالما أن السائق المتهور لم يثبت تعاطيه للمخدرات؟!!
نعم هذا نص المادة 238 من قانون العقوبات والتي تنص على الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر لمن تسبب في قتل شخص خطأ نتيجة إهماله، ترتفع العقوبة من سنة إلى 5 سنوات في حالة الخطأ الجسيم أو تعاطي المخدرات، وفي حالة وفاة أكثر من 3 أشخاص ترتفع العقوبة من سنة إلى 7 سنوات!!
أعتقد أن عودة الانضباط المشدد إلى الشارع المصري يجب أن يكون أحد أعمدة بناء الإنسان الجديد.. وأظن أنه يحتاج إلى تدخل عاجل ومباشر من القيادة السياسية، وهنا يجب أن أقول: «رحم الله اللواء أحمد رشدي».
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy