كنا قد ذكرنا في جريدتنا «الأنباء» قبل ثلاث سنوات تقريبا في تاريخ 3 سبتمبر 2021 في مقال تحت عنوان «الأمن السيبراني الرعب القادم» وسلطنا الضوء على أهمية هذا الموضوع وحساسيته للأمن الوطني، وفي هذه الأيام تعود هذه المسألة للظهور الإعلامي، وخاصة بعدما حدث في جميع أنحاء العالم تقريبا من انقطاع إلكتروني، حيث تسبب عطل في منصة الأمن السيبراني التابعة لشركة «كراود سترايك» الأميركية في مشاكل واسعة دوليا عابرة للقارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فتعطلت الكثير من شركات الطيران المدني والبنوك ووسائل الإعلام، وتوقفت المستشفيات عن العمل، وأيضا تم نشر الكثير من الأخبار الزائفة من هنا وهناك.
وامتدت هذه الأعطال إلى دول متقدمة تقنيا ورائدة تكنولوجيا، ووقفت عاجزة عن التصرف وأصبحت في شلل شبه تام، ونحن نتكلم عن بلدان كألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا واستراليا وغيرها من الدول المتقدمة.
المفارقة الأهم من كل ما حدث والذي يجب أن يكون لنا فيه درس نتعلم منه ونستفيد بما يحمي أمننا الوطني والمجتمعي الكويتي «السيبراني»، فما حدث استثنائيا في هذه الأزمة العالمية هو أن بلدا واحدا فقط نجح في عدم التأثر أو الإصابة بأي ضرر أو خسارة مما حدث!
ونتحدث هنا عن جمهورية روسيا الاتحادية لأن أنظمة التشغيل والخوادم والشبكات هي محلية خاصة بها كـ«دولة» فقط وليست مربوطة مع أي نظام عالمي، حيث لديها نظامها الخاص المحلي المسمى «استرا» لذلك لم يؤثر العطل العالمي عليها.
ونقول هنا إنه علينا أن نستفيد من التجربة الروسية في إيجابياتها: بأن على بلدنا الغالي الكويت أن يكون لديها خوادمها الخاصة بحيث لو حدث أي هجوم سيبراني أو تواجد «فيروس الكتروني» أو هجوم إرهابي أو عند حدوث إشكالات تقنية، فإن هناك حماية داخلية محلية ضامنة وحافظة للأمن الوطني السيبراني.
إن ضرورة حماية الدولة ومؤسساتها من أي اختراق أو سيطرة سيبرانية والدرس الروسي يعطينا دليلا مضاعفا على وجوب وجود استقلالية لدينا بما يتعلق بتلك المسألة، ومنا إلى المسؤولين لإيجاد بنية تحتية رقمية متكاملة على ارض الواقع لحمايتنا سيبرانيا، وخاصة عندما تكررت تلك المسألة في لبنان «العزيز»، بعد موجتين من الهجمات الإرهابية الإجرامية التي قام بها «الكيان الصهيوني» في تفجير أجهزة الاتصال والتواصل المدنية عند الأفراد العاملين مع حزب الله، مما تسبب بقتل الابرياء من الأطفال والنساء.
وهنا يخطر علينا التساؤل: كيف يمكن استخدام الشبكات الكهربائية أو الألياف الضوئية لأغراض إرهابية إجرامية؟ ونحن لم نفكر في ذلك أبدا، من قبل، ولكن هكذا أمور أصبحت شغل العالم، وأيضا أصبحت تؤثر على مرتكزات الاقتصاد العالمي، لذلك رأينا تسارع تايوان كـ «دولة» وبلغاريا كذلك إلى التأكيد على عدم ارتباطهما بهكذا هجمات سيبرانية.
من هنا انطلقنا في إعادة التساؤل: كيف نحمي مجتمعنا سيبرانيا؟
وهنا يأتي دور مؤسسات الدولة وجهات الاختصاص في هذه المسألة.