[email protected]
«بين الحلم والواقع».. هذا ليس عنواناً لرواية أو قصة قصيرة، وإنما محاورة أو مقارنة بين الخيال والحقيقة، وهي فرصة يحاكي بها الانسان منا نفسه في فترات من الزمن سواء كان في سن مبكرة من العمر للتطلع للمستقبل او عند تقدم العمر به ليتأمل فيها حاله وما وصل اليه، وهل الحقيقة تطابقت مع الحلم اما انها مختلفة تماما؟
ومما لا شك فيه ان الخيال يسرح ويمرح بعقول البشر ويجعلهم يرون الحياة بصورة وردية يمتزج معها الاحساس بالفرح ولكنها لحظات وينتهي كل شيء في الوضع الطبيعي، بينما تكمن المشكلة اذا استمر هذا الشعور واخذ منحنى خطيرا، وصار الحلم هو الأساس والواقع مخفياً لا يرونه او يحاولون تجاهله!
وهناك أناس كثر تجدهم منفصلين عن الواقع ويهربون منه بقدر استطاعتهم لأنهم بالفعل غير قادرين على المواجهة بعدما تصرفوا او خططوا او ارتكبوا أفعالاً من غير تفكير جعلتهم في أوضاع لا يحسدون عليها، على سبيل المثال من خسر أمواله في مشروع تجاري يتمنى ويحلم لو انه لم يدخل هذه التجربة، وهناك من تزوج بأكثر من امرأة ومن جنسيات مختلفة زادت عليه المسؤوليات مع زيادة الأبناء والمصاريف واصبح يعيش في حالات نفسية متعددة ولا يعرف ماذا يفعل تجاه المشاكل التي وقع بها. وقس على ذلك الكثير من الأمور والتجارب، لاسيما أن الأيام والسنوات تمضي سريعا والاجيال تتعاقب وربما ان هناك من تعلموا واستفادوا واتعظوا من تجاربهم واستطاعوا تغليب الواقع على التمني والوهم المظلل، وفي المقابل مازال هناك آخرون يعيشون في حلمهم، والتأمل ومجاراة النفس وهواها هو ديدنهم غير مكترثين بما يجري حولهم او في محيطهم، فالحياة تبقى بالنهاية لهم منتهية لأنها في نظرهم مجرد حظوظ حالفت غيرهم ولم تحالفهم.
ولا شك ان هناك خيطا رفيعا بين الحلم والواقع، بين التفكير واللا تفكير، بين اليأس والأمل، بين الكسل والعمل، هي علاقة متشابكة، فمن استطاع فهمها تخطاها بنجاح ومن فشل عاش طوال حياته اسيرا للأوهام والحسرات والأوجاع.