محمود عيسى
قال تقرير صادر عن وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيفات الائتمانية «S&P»، إن بنوك الخليج قادرة على التعامل مع تدفقات التمويل المحتملة باستخدام أصولها السائلة وذلك في ظل سيناريو الضغط المرتفع والشديد الذي أجرته الوكالة ضمن رؤيتها لأوضاع البنوك في المنطقة في ظل تأثير الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط ضمن 4 سيناريوهات مختلفة.
وأشار التقرير إلى أن السيناريوهات التي تم الاعتماد عليها تدرجت من الضغوط المتواضعة إلى الشديدة وما قد يخلفه ذلك من آثار على الأنظمة المصرفية في منطقة الخليج، مبينة أنه في ظل سيناريو الضغط المرتفع والشديد، تبدو البنوك قادرة على التعامل، وفي هذه الحالة سيكون الدعم الحكومي ضروريا إذا كانت الأصول أقل سيولة مما نتوقع، وفي ظل سيناريوهات تدهور جودة الأصول، من المحتمل أن 13 من أكبر 45 بنكا في منطقة الخليج سيظهرون خسائر في سيناريو الضغط العالي. ويزداد هذا العدد إلى 25 بنكا في سيناريو الضغط الشديد، مع وصول الخسائر التراكمية إلى 24.6 مليار دولار.
وتوقع التقرير ان يستمر الصراع في الشرق الأوسط حتى عام 2025، مع تزايد احتمالية حدوث تطورات قد تؤثر سلبا على تصنيفات الائتمان السيادي للبنوك في المنطقة، ومع ذلك توقعت الوكالة عدم تطور صراع مباشر طويل الأمد بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة اخرى، ومع ذلك، فإن دورة التصعيد الأخيرة.
واستعرضت الوكالة المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها البنوك مثل تدفقات إلى الخارج من التمويل الأجنبي، مع خروج المستثمرين غير المقيمين من منطقة مجلس التعاون الخليجي مع تزايد المخاطر، وتدفقات خارجة من التمويل المحلي، على الرغم من أننا نفترض أن هذا لن يتحقق إلا في حالة الضغط الشديد، كما حدث إبان حرب الخليج خلال الفترة 1990-1991، وارتفاع حاد في معدلات التخلف عن السداد بين عملاء البنوك من الشركات والأفراد مع تأثير عدم الاستقرار الجيوسياسي على الاقتصادات الإقليمية.
ومن اجل قياس المخاطر، تم استخدام البيانات المتعلقة بالتمويل المحلي والخارجي التي نشرتها البنوك المركزية في 30 يونيو 2024، والبيانات المتعلقة بجودة الأصول التي أبلغ عنها أكبر 45 بنكا في منطقة مجلس التعاون الخليجي. وبموجب افتراضاتنا الموحدة، قد تصل تدفقات التمويل إلى الخارج إلى نحو 221 مليار دولار، وهو ما يترجم إلى نحو 30% من إجمالي الالتزامات الخارجية للأنظمة المصرفية التي تم اختبارها. ومع ذلك، نعتقد أن البنوك لديها سيولة خارجية كافية لتغطية هذه التدفقات الخارجية في معظم الحالات، وفي سيناريو الضغط الشديد، نفترض تدفقات ودائع إضافية بقيمة 275 مليار دولار من ودائع القطاع الخاص المحلية. ونعتقد أن البنوك قادرة على التعامل مع هذا الأمر بفضل أصولها السائلة بالإضافة الى الدعم من البنوك المركزية - إذا ثبت أن هذه الأصول أقل سيولة مما نفترض.
وبموجب سيناريوهات تدهور جودة الأصول لدينا، من المرجح أن تسجل 13 من أكبر 45 بنكا في دول مجلس التعاون الخليجي خسائر في ظل سيناريو الضغوط الشديدة، استنادا إلى صافي الدخل السنوي للبنوك المعلن حتى 30 يونيو 2024. ويرتفع هذا الرقم إلى 25 في سيناريو الضغوط الشديدة، مع خسائر تراكمية تصل إلى 24.6 مليار دولار. وأشارت الوكالة إلى ان سيناريو الضغط الشديد قد ينجم عنه تدفقات تمويلية خارجية محتملة تبلغ نحو 221 مليار دولار من المنطقة، أو نحو 30% من إجمالي الالتزامات الخارجية للأنظمة المصرفية المختارة، وتتركز هذه التدفقات في قطر والإمارات العربية المتحدة، يليها القطاع المصرفي الخارجي في البحرين، بسبب الدين الخارجي الإجمالي الكبير للأنظمة المصرفية في هذه البلدان، وبالنسبة للأنظمة المصرفية المتبقية، تتراوح تدفقات التمويل الخارجي المفترضة لدينا بين 3.9 مليارات دولار محدود في عمان و30 مليار دولار في المملكة العربية السعودية.
ان معظم الأنظمة المصرفية قادرة على إدارة هذه التدفقات الخارجية من خلال تصفية أصولها الخارجية، باستثناء قطر التي ستسجل عجزا لا يذكر. وفي رأينا، فإن هذا العجز يمكن إدارته بسهولة، نظرا لسجل الحكومة القطرية في دعم البنوك.
وتابعت الوكالة: «نرى ان البنوك قادرة على التعامل مع تدفقات الودائع المحلية بناء على اختبار الضغط الافتراضي لدينا، ويمكن أن تصل تدفقات الودائع المحلية إلى الخارج إلى 275 مليار دولار، ومع انها تتركز في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إلا ان كليهما يهيمن على الأنظمة المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي بسبب حجمهما، ومن اجل تلبية هذه التدفقات الخارجية، تحتفظ البنوك بنحو 284 مليار دولار نقدا أو في البنوك المركزية الخاصة بها».
وقالت الوكالة إن البنوك تحتاج إلى تصفية بعض محافظها الاستثمارية أو الاحتفاظ بها في البنوك المركزية مقابل السيولة لتغطية عمليات السحب. وبشكل عام، يبدو الخطر تحت السيطرة. وبعد تصفية دفاتر استثماراتها باستخدام خصمنا المحسوب، سيظل لدى البنوك نحو 264 مليار دولار يمكنها استخدامها.
وتظهر نتائج اختبار الضغط الافتراضي لدينا أن أغلب الأنظمة المصرفية في عينة الدراسة ستكون مرنة إذا تصاعدت الصراعات الإقليمية وانخفضت ثقة المستثمرين، ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه يصعب التنبؤ بالنتائج المحتملة للوضع الحالي، والتي ستعتمد على التدفقات الخارجة الفعلية وسيولة الأصول. وصنفت الوكالة حكومات الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على أنها داعمة لأنظمتها المصرفية، وهذا يعني أننا نتوقع أن تتلقى البنوك في هذه البلدان دعما حكوميا استثنائيا إذا لزم الأمر.