في عصر تتسارع فيه وتيرة التغيير وتتزايد فيه تأثيرات الثقافات المختلفة بفعل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، تبرز الحاجة إلى الحفاظ على الهوية الثقافية كضرورة ملحة للشباب. فالشباب يمثلون حاضر الأمة ومستقبلها، وهويتهم الثقافية هي البوصلة التي توجههم في عالم سريع التغيرات، مما يرسخ لديهم الثقة والانتماء.
ومع تعرض الشباب الكويتي المستمر للثقافات المتعددة من خلال وسائل الإعلام الحديثة، تظهر أهمية الهوية الثقافية كحائط دفاع يحميهم من الذوبان في ثقافات أخرى، ويعزز قدرتهم على التفاعل الإيجابي مع العالم دون التخلي عن جذورهم.
والهوية الثقافية ليست مجرد مجموعة من العادات والتقاليد المتوارثة، بل هي منظومة متكاملة من القيم والمبادئ والمعارف التي تشكل شخصية الفرد وتعزز انتماءه للوطن. إنها الأساس الذي يمنح الشباب القوة لمواجهة التحديات بثقة واعتزاز. ومن هذا المنطلق، تضطلع القيادة السياسية في الكويت بدور كبير في دعم الشباب وتمكينهم، من خلال توفير بيئة تعزز القيم الوطنية، مستلهمة من نماذج وطنية بارزة ساهمت في إثراء الثقافة الكويتية.
إن للأسرة والمؤسسات التعليمية دورا أساسيا في بناء الهوية الثقافية لدى الشباب، فالأسرة هي اللبنة الأولى التي يتم فيها غرس القيم والمبادئ الأساسية، وعلى الوالدين مسؤولية تعريف أبنائهم بتراثهم وثقافتهم، وتشجيعهم على القراءة والاطلاع وممارسة الأنشطة التي تنمي قدراتهم العقلية والفكرية. كما تأتي المؤسسات التعليمية لتؤدي دورا تكميليا، إذ يجب أن تتضمن المناهج الدراسية محتوى يعزز الفخر بالتاريخ الكويتي ويرسخ لديهم اعتزازهم بهويتهم.
وتساهم وسائل الإعلام، سواء التقليدية أو الرقمية، بدور حاسم في تعزيز الهوية الثقافية، فمن خلال تقديم محتوى هادف ومتنوع، تساعد هذه الوسائل في نشر الوعي بين الشباب، وتوسيع مداركهم، وتعريفهم بقيم ومبادئ المجتمع الكويتي.
وللمجتمع المدني أيضا دور مهم، حيث تسهم مؤسساته في تعزيز الهوية الثقافية من خلال تنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تشجع الشباب على التفاعل مع تراثهم، مثل الندوات، والمحاضرات، والمعارض الفنية، والمسابقات الثقافية، وورش العمل.
كما تشكل المكتبات الوطنية والعامة منارات علمية تزود الشباب بمصادر المعرفة، بينما تضطلع دور النشر بدور بارز في توفير الكتب التي تغذي فكر الشباب وتزيد من وعيهم بتاريخهم وهويتهم.
شخطة قلم: يتحمل الشباب مسؤولية كبيرة في الحفاظ على هويتهم الثقافية وتنمية عقولهم وصقل مهاراتهم. وتعزيز الهوية الثقافية للشباب الكويتي هو استثمار في مستقبل الوطن، حيث يصبح الشاب الواعي بهويته والمدعوم بالعلم والمعرفة قادرا على بناء مجتمع متماسك ومتطور، وعلى مواجهة تحديات العصر الرقمي بثقة وانفتاح، مستلهما من ثقافته الأصيلة دافعا للإبداع والابتكار.
«إذا لم يكن لديك هوية فلن يكون لديك مستقبل».