«أقدر كثيرا ربط بعض المنظمات الإنسانية طلباتها وجهود جمع التبرعات بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، يجب أن تدرك جميع الجهات العاملة في هذه الأوضاع المأساوية أن وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد الفعال، وأن أي شيء آخر ليس إلا إغاثة مؤقتة قد تكون ضارة في بعض الأحيان، أشكركم على إنهاء الفيديو في هذا الاجتماع بتوضيح هذا المطلب، وآمل أن أسمع بشكل محدد ما لديكم لتقولوه عن هذا المطلب وما تقومون به من جهود فعلية، حيث انكم من أكبر منظمات الأمم المتحدة وقد خاطرتم بحياتكم في هذه النزاعات والإبادة الجماعية لأكثر من عام».
هذا ما علقت به في الندوة التي نظمتها اليونيسف - الأمم المتحدة بعنوان «إحاطة اليونيسف حول الأزمات: الاستجابة وسط تصاعد النزاع في الشرق الأوسط» (UNICEF Emergencies Briefing. Response Amidst Escalating Conflict in the Middle East)، بعدما شاهدت شريحتهم الأخيرة التي تحمل عنوان «هم بحاجة إلى وقف إطلاق النار الآن» (They need ceasefire now).
ومع تزايد الصراعات، تعمل العديد من المنظمات الإنسانية بشكل مميز على تعبئة مواردها والدعوة لتقديم المساعدات، خاصة في غزة التي ضاقت ذرعا بدخول المساعدات، ولبنان الذي يسير، مع كل أسف، في الاتجاه نفسه. ومع ذلك، لا يزال عدد قليل من المنظمات، خصوصا الأممية منها، يربط جهود جمع التبرعات بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، رغم أن هذا الربط ليس فقط منطقيا بل ضروري لمعالجة الأسباب الجذرية للمعاناة في هذه الأوضاع المأساوية.
لقد وصلت الأوضاع في غزة إلى مستويات لا تحتمل من القتل والتهجير والدمار. وفي هذا السياق، لا ينبغي أن تقصر المنظمات الخيرية مهمتها على تقديم الإغاثة المؤقتة، بل يجب أن تكون أيضا مدافعة ومطالبة بحلول جذرية لتخفيف المعاناة.
أكرر ما ذكرته منظمة «أوكسفام»: «بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، فإن وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد الفعال» For humanitarians، a ceasefire is the only solution that works. فالقصف المستمر يجعل إيصال المساعدات مستحيلا حتى مع إعلان ممرات إنسانية.
ولتحقيق استجابة إنسانية فعالة، يجب أن تقام تلك الممرات في بيئة آمنة تخدم احتياجات جميع سكان غزة، بمن في ذلك الفئات الأكثر ضعفا. ويجب على قادة العالم تأمين وقف إطلاق النار لتسليم المساعدات بأمان، وإلا فسيظل المدنيون والعاملون الإنسانيون في خطر متزايد.
إن عجزنا عن إيصال المساعدات بفعالية قد يدفعنا للتفكير في وقف طلب التبرعات، وإطلاق حملة ضغط تعكس هذا الوضع المأساوي، لنقل: «لن نستقبل تبرعات جديدة حتى يتم وقف إطلاق النار»، فوقف إطلاق النار ليس مجرد هدنة مؤقتة، إنما خطوة حيوية نحو وقف نزيف مستمر من الدماء والأموال. وأي إجراء أقل من ذلك يعد مجرد حل مؤقت يوفر إغاثة سطحية دون معالجة القضايا الأساسية التي تؤجج هذه الصراعات. ويجب أن تعلو أصوات المنظمات الإنسانية مطالبة بهذا الحل، وأن يكون هذا الصوت مدعوما بتحالفات ومطالبات وتنسيق جماعي، وليس مجرد جهود فردية، مهما كانت المنظمة كبيرة.
قد يكون تقديم الإغاثة المؤقتة ضارا أحيانا، إذا ما صرف النظر عن هدف معالجة الأسباب الجذرية، بدلا من الاعتماد فقط على المساعدات الإنسانية، يجب أن تكون الإغاثة جزءا من استراتيجية شاملة تشمل الجهود الديبلوماسية وإعادة بناء المجتمعات.
وتقع على عاتق المنظمات الدولية العاملة في هذه المناطق المتضررة مسؤولية توضيح مواقفها ومشاركة خططها، ليس فقط لجمع التبرعات، ولكن للتأثير على السياسات وتشكيل الرأي العام. ويجب عليها العمل مع الحكومات وأصحاب المصلحة والمجتمع الدولي للدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري واتخاذ الخطوات الضرورية لتحقيق ذلك رغم كل التحديات!.
[email protected]