ياسر العيلة
كل يوم يثبت مهرجان «BACKSTGE» المسرحي، الذي تقام فعاليات دورته الاولى حاليا على مسرح بدار المهن الطبية بالجابرية، أنه فرصة للمواهب الشابة لإظهار قدراتهم في التمثيل ولفت أنظار الآخرين إليهم، من خلال فتح الباب أمام أحلامهم التي يتمنونها منذ سنوات عديدة، حيث يبحثون عن فرصة لتحقيقها إلى أن جاءتهم من خلال هذا المهرجان الذي يعد بمنزلة مساحة للتنافس الشريف بين الفنانين والعاملين في المجال المسرحي الكويتي، حيث شاهدنا عددا من العروض بعضها تميز بالإبداع في مختلف مكونات الأداء المسرحي، ومنها مسرحية «من الحب ما انقتل» التي كشفت لنا عن مخرج ومؤلف شاب موهوب، وهو علي أكبر الذي استوحى فكرة العمل من نص مسرحية «الدب» للأديب الروسي الكبير أنطون تشيخوف، بعد ان قام علي أكبر بعمل معالجة درامية للنص بشكل رائع.
تدور قصة المسرحية حول فتاة تدعى بدرية (هبة العبسي) يتم اجبارها على الزواج من رجل ثري اسمه شفيق (حمود الصلال) بالرغم من عدم حبها له، لكنها توافق بعد ضغط شديد من أمها طمعا في ثروته لتعيش في قصر هذا الرجل الثري ويعيش معهما الخادم محبوس (مساعد الشمري)، فتقوم بقتل زوجها بإطلاق النار عليه بالخطأ، وخوفا من أن ينكشف أمرها تضطر لدفنه أسفل سرير غرفة نومها بمساعدة «محبوس»، وتتظاهر أمام الناس بأنها حزينة عليه والحقيقة أنها كانت تدعي ذلك، فهي لا تحبه، إلى أن تفاجأ بأن صديق زوجها هاني (اسحاق ايوب) يطالبها بتسديد مبلغ مالي كبير كان اقترضه زوجها الراحل منه، ويوهمها بأنه يحبها ويتزوجها طمعا في الثروة التي حصلت عليها، غير انه يكتشف وجود جثة زوجها السابق، ويواجهها بذلك ويهددها بأنه سيبلغ الشرطة عنها، لتقوم بقتله أيضا وتطلب من الخادم مساعدتها في إخفاء الجثة، وعقب ذلك تقوم بقتل الخادم الذي يعد الشاهد الوحيد على جرائمها.
أجاد المخرج بشكل كبير في تقديم عمل يحمل رؤية بصرية ممتعة، ووظف كل شيء على خشبة المسرح لخدمة العرض الذي كان باهرا بمعنى الكلمة، ساعده في ذلك الديكور المتميز لعبدالوهاب الهزيم، والأزياء المعبرة جدا عن شخصيات المسرحية لفاطمة النصار، والاضاءة لسالم الجسمي والتي كانت أبطال العمل، وأيضا الموسيقى والمؤثرات الصوتية ومكس وماستر والأغاني الجميلة جدا لعبدالله المرزوق، وتوزيع صالح الفيلكاوي، وكلمات الاغاني التي كتبها عدنان كمال، بجانب الجهد الكبير الذي بذله مصمما الاستعراض عبدالله جوهر ويوسف بورباع.
قدم الممثلون أداء احترافيا، وتفوقت النجمة الشابة هبة العبسي في شخصية «بدرية»، وكانت شعلة من النشاط على خشبة المسرح وتمكنها من التلون في الاداء على مستوى الصوت وتعبيرات الوجه، بالإضافة الى خفة دمها الشديدة التي تعالت معها ضحكات الجمهور، كما قدم حمود الصلال شخصية الزوج القتيل بشكل عفوي وتلقائي، وكان ملما بكل تفاصيل الشخصية، وبرع مساعد الشمري في تجسيد دور الخادم «محبوس» وقدم دوره بأسلوب «السهل الممتنع» وكان له حضور وكاريزما على المسرح، بالاضافة الى خفة دمه أيضا، حيث كون مع هبة العبسي «دويتو» جميلا، ونافسهما في الأداء الفنان اسحاق ايوب الذي جسد شخصية صديق الزوج بطريقة حازت إعجاب الجميع، ليؤكد انه يملك إمكانات فنية كبيرة، كما قدم الفنان بدر الشمري شخصية «ابوخرز» الدجال مع الفنان محمد النبهان الذي لعب شخصية الابن «خرز»، بعفوية وأداء مقنع.
بشكل عام مسرحية «من الحب ما انقتل» عمل جميل يحمل كوميديا راقية بعيدة عن التصنع، والممثلون قدموا المواقف المضحكة على خشبة المسرح باقتدار و«الافيهات» التي استخدموها نابعة من نص العمل وليست مقحمة عليه، بالإضافة إلى أن إيقاع العرض كان سريعا، وأتوقع أن يحصد هذا العمل جائزة من جوائز المهرجان.