إن الحركة الدولية المشتركة الساعية إلى تقدم المجتمعات نحو حياة أفضل هي إحدى مزايا الحصول على علاقات وتشابك الاتصالات والارتباط مع مختلف دول العالم، ومنها بلا شك كانت الجمهورية الكوبية إحدى ركائز الديبلوماسية الكويتية في الدخول في المجال «الأميركي الجنوبي» لما تمثله هذه الدولة من شعبية ممتدة لمختلف الدول وكذلك رسائلها الإنسانية المتواصلة مع ارسالها لطواقمها الطبية لمن يحتاج من دول العالم، وأيضا التزامها الثقافي في صناعة مبدأ «العدالة» ورفع الظلم عن الشعوب والدول لتحقيق نهضة متوازنة.
ان الجمهورية الكوبية لديها تاريخ طويل من علاقات «الصداقة» مع الكويت التي تميزت بالتعاون والتواصل الديبلوماسي والاقتصادي منذ أكثر من 50 عاما، وهي كذلك علاقات «مبدأية»، حيث ما زالت الكويت تقف مع كوبا وتصوت معها سنويا ضد الحصار المفروض عليها، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا متجددا بشأن ضرورة إنهاء الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي المفروض عليها.
إن كوبا ذات تاريخ وتجربة عظيمة في صناعة الاستقلال «الحقيقي» عن الغرباء ومن يريدون استغلالها وهي قدمت نموذجا رائعا في تحقيق التنمية على المستويات المختلفة لدولة الرعاية «الشاملة» التي تخدم المواطن وتجعله الهدف والأساس لحركة مؤسسات الدولة، وحققت في ذلك المضمار إنجازات رائعة متقدمة عالميا وخاصة في مجال الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض الذي يعتبر من أكثر النظم فعالية في العالم ويتميز بتوفير الرعاية الصحية «المجانية» المتكاملة لجميع المواطنين، ويعتمد على نظام توزيع الأطباء والممرضين في المناطق الريفية والحضرية في شكل متساو حسب تعداد السكان وهو نظام يركز على الوقاية قبل حدوث المرض للأصحاء على مستوى الامراض المزمنة والامراض المعدية والتعليم الصحي، بالإضافة إلى العناية الفورية والعلاج وهذا يسهم في تحقيق عدالة صحية عالية وتوفير رعاية طبية شاملة من اطباء متخصصين وممرضين وفنيين ومسعفين.
وهذا كله ممتد إلى التقدم الكوبي في «التكنولوجيا الحيوية» بما يخص انتاج الادوية العلاجية واللقاحات و«الاكتفاء الذاتي» في تلك المجالات، حيث نجحت كوبا في إنتاج لقاحاتها الخاصة المتعددة ضد وباء «كورونا» ولم تبخل في تقديمه لمن يريد من دول العالم من غير البحث عن الاستفادة المالية والتجارية، ناهيك عن الفرق الطبية الكوبية الجوالة التي لم تبخل على أي دولة احتاجتها.
ضمن هكذا أجواء نتمنى أن تتطور علاقاتنا الكويتية ـ الكوبية لما هو أفضل وخاصة فيما يتعلق بربط البلدين عبر خطوط الطيران المباشرة، والاستفادة من خبراتهم في مجال الصحة العامة والوقاية والتصدي للأمراض قبل حدوثها، وما يترتب على ذلك من تقليل التكلفة على النظام الصحي الحكومي الكويتي.
كما نتطلع لعمل زيارات خاصة للاقتصاديين الكويتيين لبحث سبل التعاون التجاري وتبادل البضائع، وأيضا التنسيق المشترك مع كوبا في انضمام الكويت لمجموعة دول «البريكس» التي انضمت اليها مؤخرا دولة الامارات ومملكة البحرين.
وعلينا ألا ننسى دور صندوق التنمية الكويتي في تمويل المشروعات الثنائية المشتركة بين البلدين وتفعيل انشاء شركات كوبية ـ كويتية مشتركة تكون مقدمة لدخول الكويت تجاريا وماليا للاستثمار في مختلف المجالات مثل النفط والغاز والزراعة والسياحة وهي مقدمة للدخول الكويتي للسوق «الأميركي الجنوبي» من بوابة كوبا الجميلة.