ياسر العيلة
القضية الفلسطينية كانت ومازالت حاضرة في المسرح العربي بشكل عام والمسرح الكويتي بشكل خاص، وربما كانت تلك القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسانية بكل معانيها وكأنك تناضل من أجل أشقائك في فلسطين خلال مسرحك وفنك، وهو أضعف الإيمان، وشاهدنا مساء أول من أمس عرضا مسرحيا ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان «BACKSTAGE» بعنوان «على أمل»، تأليف سلطان محمد، وإخراج صقر الشحي، إنتاج شركة «كام ميديا» للفنان خالد أمين، وبطولة مجموعة من الشباب الواعدين، هم: أحمد الرشيدي (الصحافي) ومحمد الزنكي (الطبيب) وسارة العنزي (الممرضة) ومنيرة الجوشتي (المرأة الفلسطينية).
تدور أحداث العمل حول صحافي شاب يقيم في بيته مع عدد من الكلاب يعاني من قلق وعدم الإحساس بالأمان فنشاهده يتنقل بين سريره ومكتبه وهو يتابع الساعة، وكأن الوقت توقف ليفاجأ باقتحام بعض الأشخاص البيت والتحقيق معه على جريمة لم يرتكبها، في إشارة الى المحتل الإسرائيلي الذي اغتصب أرض فلسطين بالقوة، ويتم حقن هذا الصحافي الشاب بمادة تجعله مشوشا في التفكير في محاولة من هؤلاء المقتحمين في تغيب العقول وزرع الأفكار السلبية بداخله، كل ذلك من اجل تغيير معتقداته وكتاباته ضد المحتل، بل أوهموه بأن عمره اصبح 80 عاما، وهي تقريبا فترة احتلال الكيان الإسرائيلي لفلسطين، بالإضافة إلى انهم قاموا بطرده من بيته بحجة انه عيادة طبية وليس بيته لينتهي العمل نهاية معلقة بأننا سنعيش على أمل أن يستمر الكفاح لعودة فلسطين الى أهلها.
قدم مؤلف العمل سلطان محمد قصة إنسانية تناولت معاناة الشعب الفلسطيني من الانتهاكات الصارخة من الاحتلال الإسرائيلي تجاههم واضطهادهم لهم وسلب أرضهم وتاريخهم من خلال تقديمه حالات مختلفة على خشبة المسرح، وإن كنت أرى أن النص كان يحتاج الى تفكيك أكثر مما شاهدناه لكن ذلك سيأتي مستقبلا مع الخبرة، ونعتبرها بداية جيدة.
أما المخرج صقر الشحي، فقد حاول قدر الإمكان تقديم عرض متماسك بمجموعة من الطاقات الشبابية الذين أجادوا توصيل رسالة المسرحية لحد كبير الى الجمهور، ويحسب له تقديمه معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض، من خلال التعبير الكلامي والموسيقى وطريقة تبادل الحوار، ولعبت الإضاءة لسلطان محمد وتنفيذ التويجري والموسيقى والمؤثرات السمعية لمحمد الحجي والأزياء لحصة العباد بجانب الديكور لمحمد بهبهاني، دورا في الإيحاء بالزمن وتقطيع الحدث، إضافة إلى تحكمه في حركة الممثلين الرائعة على الخشبة وظهروا بتشكيلات جماعية باهرة.
وبالنسبة لأداء الممثلين أحمد الرشيدي ومحمد الزنكي وسارة العنزي ومنيرة الجوشتي، فقد قدموا أدوارهم بشكل جميل يؤكد انهم يمتلكون مواهب وقدرات تمثيلية حقيقية ستظهر أكثر وأكثر في قادم الأعمال، وبشكل خاص أعجبني أداء الرشيدي الذي تفوق على نفسه في شخصية الصحافي الذي يعاني من مرارة الاضطهاد وسلب حقوقه أمام عينيه، بينما أجاد الزنكي في تجسيد شخصية الإسرائيلي المتخفي تحت رداء طبيب يدعي الإنسانية والرحمة وهو في الحقيقة محتل ظالم.
في النهاية ستظل القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان الإبداعي للمسرحيين العرب دائما وأبدا، وكلنا «على أمل» أن يأتي الأمل.