طارق عرابي
انطلقت أمس فعاليات النسخة الثالثة من قمة تقنية الأموال التي تنظمها جريدة الجريدة، بمشاركة مئات المتخصصين في قطاع الأعمال والتجارة والتقنية المالية وريادة الأعمال، فضلا عن مجموعة كبيرة من أصحاب الشركات الكبيرة والناشئة إلى جانب مستثمرين متخصصين.
وتهدف القمة إلى الوقوف على أحدث ما توصل إليه عالم تقنية الأموال من مبتكرات ومستجدات، مع تدارس ما يمكنها الإسهام به على الصعيد المحلي الكويتي، عبر كلمات رئيسية وجلسات حوارية من شركات القطاع الخاص الكويتي، إضافة إلى مشاركات دولية بارزة.
تطوير الاقتصاد الوطني
وفي كلمته الافتتاحية، قال رئيس تحرير جريدة الجريدة ناصر العتيبي إن هذه الفعالية التي تنظمها جريدة الجريدة بالتعاون مع بنك الكويت الوطني، إلى جانب شركائها الاستراتيجيين، وفاء منها بمسؤولياتها تجاه تطوير ودعم الاقتصاد الوطني، وسعيا لفتح آفاق النقاش مع قادة الفكر الاستثماري، لتأسيس منصة تستعرض الخبرات والتجارب المحلية والعالمية، ونقلها إلى جيل الشباب.
وذكر العتيبي أن اقتصادات دول الخليج تعيش تحولات رئيسية للانتقال من اقتصادات نفطية أحادية المصدر إلى متعددة ومتنوعة لمواجهة تقلبات أسعار الطاقة والتحديات الجيوسياسية الإقليمية، مبينا أن التقارير المتخصصة تشير إلى نمو قوي للاقتصادات الخليجية في القطاعات غير النفطية، مما يؤكد نجاح المنظومة الخليجية في تنويع اقتصاداتها وجعلها في مقدمة الوجهات الاستثمارية القادمة، لاسيما في قطاع التكنولوجيا وتقنيات الأموال والذكاء الاصطناعي.
واعتبر أن هذا المشهد الاقتصادي الإيجابي يؤكد ضرورة تعزيز الاستثمار الإعلامي في بيئة الأعمال المحلية والخليجية، وتسليط الأضواء على أوجه الاستثمار في شركات التكنولوجيا السريعة النمو والفرص في بيئة استثمارية متغيرة.
وأعرب العتيبي عن شكره لشركاء «الجريدة» الإستراتيجيين، على تعاونهم لعقد هذه القمم ونجاحها حتى باتت من أهم الفعاليات الاقتصادية السنوية في الكويت، فضلا عن شكره رئيس التحرير السابق لـ«الجريدة» الزميل خالد هلال المطيري على مساهمته الكبيرة في إنجاح النسختين السابقتين.
وعبر عن تقديره لجميع المتحدثين المشاركين من داخل الكويت وخارجها من رؤساء تنفيذيين ومؤسسي شركات رائدة في مجالات الاستثمار الجريء والتكنولوجيا المالية، على مساهمتهم القيمة في القمة الحالية، متمنيا للجميع التوفيق والسداد.
الإنفاق على التعليم
وتضمن المؤتمر كلمة رئيسية بعنوان «دراسة حالة عن التحديات التي تواجهها النساء في مكان العمل» قدمتها سلمى الحجاج من بنك الخليج، حيث استعرضت تجربة بنك الخليج في مجال تمكين المرأة في القطاع الخاص بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص.
وقالت إن بنك الخليج رصد منذ عشر سنوات أن نسبة الخريجين في الكويت سنويا تكون بنسبة 71% للبنات مقابل 29% للشباب، ومع مرور السنوات والترقيات تصبح نسبة القياديات في القطاع الخاص 90% للرجال مقابل 10% للنساء.
وأشارت إلى أن البنك بناء على تلك الدراسة اتخذنا العديد من الإجراءات التي ساهمت بشكل كبير في تمكين المرأة وزيادة زيادة نسبتهن في المناصب القيادية من 10% قبل 10 سنوات إلى 30% في نهاية 2023 أي بنسبة زيادة 300%.
وتابعت بالقول: «الكويت قطعت شوطا طويلا في مجال تمكين المرأة لكننا نطمح إلى المزيد، لاسيما أن الاحصائيات تشير إلى أن العالم يخسر سنويا نحو 20 تريليون دولار وهي قيمة الفرص الضائعة نتيجة عدم تمكين المرأة بشكل كامل سنويا».
وبينت أن التنوع بين الجنسين في بيئة العمل يسهم في زيادة الربحية، والإنتاجية، ويرفع مؤشر الإبداع والابتكار، وقدرة الشركات على الاحتفاظ بالمواهب، وتحسين سمعة المؤسسة.
الجلسة الحوارية الأولى.. أين ستستثمر 100 دولار اليوم؟
وتبعت الكلمات الرئيسية خلال القمة جلسة حوارية ثرية تحت عنوان «سؤال الـ100 دولار: أين ستستثمر 100 دولار اليوم؟»، وناقشت الجلسة كيفية قيام قادة السوق والخبراء الماليين بتوظيف استثمار افتراضي بقيمة 100 دولار في الوقت الحالي، مما يوفر رؤى حول اتجاهات السوق الحالية، والقطاعات ذات القابلية الأعلى للنمو، والمجالات التي يجب التعامل معها بحذر.
وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة كامكو إنفست فيصل صرخوه، عن التوزيع الجغرافي في الخليج، مشيرا إلى انه وفي ظل الأحداث التي يشهدها العالم، توفر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مصدرا للنمو المستقر وفرصا متنوعة داخل اقتصاداتها وعبرها.
وأشار إلى أن كل فئة من فئات الأصول تتيح للمستثمرين الفرصة لخلق التوازن بمحافظهم بما يتماشى مع أهدافهم من خلال تحمل المخاطر والعوائد المستهدفة، وشهدت أسواق السندات والأسهم في الشرق الأوسط زيادة كبيرة في الحجم والسيولة على مر السنين بفضل الإجراءات التنظيمية الاسـتـبـاقـيـة، والـمنتجات الجديدة والمتطورة، وازدياد عدد الشركات التي تطرح للاكتتابات.
ولفت صرخوه إلى أنه مع توجه مديري الأصول الدوليين بشكل متزايد إلى المنطقة بحثا عن رأس المال لتمويل مشاريعهم، تعمل الحكومات الإقليمية على وضع الآليات المناسبة لهؤلاء المديرين الكبار لجذب مصادر رأس المال الدولية إلى المنطقة، أحيانا بشروط تفضيلية، للمساهمة في تمويل مشاريعها الاقتصادية الاستراتيجية.
ومن جانبه، قال المدير التنفيذي بإدارة الثروات المؤسسية في «جي بي مورغان» سويسرا ستيفان جراتزر: «ما نراه من وجهت نظرنا ان الإمكانيات بالخليج تضاعفت كثيرا ويمككنا ان نلمس التنوع الكبير في الفرص والنمو وهناك الكثير من النوافذ الاستثمارية المتاحة للمستثمرين وجي بي مورغان لديها اكثر من 100 مدير يعملون بالاستثمار المؤسسي في مجالات الدمج والاستحواذ ومجالات أخرى يتم مواكبتها».
وأضاف: «علينا ان نلتزم بالتوزيعات الخاصة للأصول وتحقيق التنوع هو الأساس، مضيفا ان التحدي الأكبر هو كيفية الوصول إلى افضل مديري المحافظ والاستثمار، واذا نظرنا إلى لأداء مديري المحافظ سنجد ان 25 في المائة منهم هم من يحققون نتائج جيدة ويعتبرون روادا في هذا المجال».
ومن جهته، أكد المؤسس والشريك الإداري بشركة أرزان فينتشر كابيتال حسن جاسم زينل، انه عندما نقوم بتخصيص الأصول والاستثمارات ونوجهها للفرص في دول مجلس التعاون الخليجي، نعمل أولا للذهاب للفرص منخفضة المخاطر، وعندما نؤسس محفظة استثمارية يتم التركيز على التنوع الاستثماري وتغطية مختلف القطاعات ذات النمو السريع.
وأفاد بقوله: «سنجد في العامين المقبلين الكثير من المجالات التي تثير الاهتمام خصوصا في مجالات التكنولوجيا العميقة مثل الربورتات ومجالات الطاقة المتجددة، ومنطقة الخليج تعتبر من المناطق الجاهزة لوجود التمويل، الذي يساهم في دفع النمو».
الجلسة الثانية.. «الاستثمارات الجريئة»
واستعرضت الجلسة الثانية بعنوان «الاستثمارات الجريئة في مرحلة انتقالية: التبصر في المشهد المتغير للمنطقة»، التغيرات التي تشهدها مجالات الاستثمارات الجريئة بالمنطقة.
وفي هذا السياق، قالت نور سويد الشريك المؤسس في «غلوبال فينتشرز للاستثمار الجريء»: «لدينا نحو 370 مليون دولارمن الاستثمارات في الشرق الأوسط وافريقيا، مشيرة إلى ان الشركة لديها استثمارات في اكثر من 60 شركة سريعة النمو مثل شركة تابي وغيرها».
وأضافت أن أهم ما يميز استثماراتنا أننا نقوم بالتركيز على العائد المجزي، وقليل المخاطر، مضيفة ان الشركة تمتلك استثمارات في شركات الامن السيبراني والتي تقوم بمعالجة الهجمات التي تتم على المستوى المحلي.
ومن جهته، قال تامر قدومي المؤسس المشارك والشريك العام في شركة فينتشر سوق، ان الشركة قامت بالاستثمار في عدد 300 شركة معظم قيادتها من العنصر النسائي، مشيرا إلى ان المنطقة لديها 450 مليون شخص يعيشون فيها، ولدينا موارد بشرية ورأس مال وموارد أخرى موزعين على 20 اقتصادا غير مهم.
وأشار ان الاستثمار في الأمن الغذائي لا يجري فقط على مستوى الدول بل على المستوى الإقليمي والعالمي.
بدورها، قالت وفاء العبيدات، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة «بلاي بوك» ان من أكبر التحديات التي تواجه السيدات تكمن في مشكلة الحصول على التمويل مشيرة إلى انه على القياديين التنوع والعدالة بالإضافة إلى الاهتمام باللجان الخاصة بالاستثمار والمخاطر.
من جانبها، قالت دينا الناشئ الرئيس التنفيذي والشريك في شركة NNUC أن الشركة تتعامل حاليا في ظل الوضع الحالي مع 250 موردا واصفة ذلك بالعدد القليل مقارنة في حال فتح المجال بشكل أكبر والتطوير الاعمال الخاصة بالتقنيات المالية.
وتوقعت توافر العديد من الفرص في قطاع الانشاءات والمباني على غرار التوسعات التي قامت بها شركة المباني في الأسواق مثل السعودية والبحرين عن طريق بناء مجمعات تجارية مثل الأفنيوز التي توفر العديد من الفرص.
الجلسة الثالثة.. «الطريق بالأسواق العامة والخاصة»
وتنازلت الجلسة الثالثة بعنوان «الطريق إلى الأسواق العامة والخاصة للشركات المحلية»، ممارسات المسؤولية الاجـتـمـاعـيـة للـشركات والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بمفهومها العميق.
وفي كلمتها، قالت رشا عثمان نائب الرئيس التنفيذي من الخدمات المصرفية الاستثمارية «أسواق المال» المركز المالي الكويتي «المركز»، إن إدارة قرارات المستثمرين في توفير التمويل لهم يتم من خلال فهم الغاية من التمويل والاستثمار على حد سواء لمواجهة أي تحديات مالية، بالإضافة إلى الفحص النافي للجهالة لتحديد الحالة الصحية للشركة.
وأشارت إلى ان الطرح الاولي هو مفتاح الوصول إلى تمويل اعمق للحصول على السيولة، لافتة إلى أن الحكومات تبحث عن حلول اقتصادية عبر التخصيص.
بدورها، قالت دلال جمال الشايع، نائب رئيس أول الاستثمارات البديلة في كامكو إنفست ان شركات التكنولوجيا التي تتكبد خسائر تعتبر ذات قيمة عالية بسبب متابعة المستثمرين لإمكانات نموها، ومن المتوقع أن تحقق أرباحا في يوم من الأيام.
وبينت ان تلك الشركات تحتاج إلى حصة سوقية كبيرة، خاصة أن انتشار التكنولوجيا عالمي، لذا فإن الإنفاق على التسويق والبحث والتطوير في السنوات الأولى مبرر للسيطرة على السوق، حيث تصل الشركات إلى إيرادات متكررة وتكلفة أقل لاكتساب العملاء، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق الربحية.
من جهته، أكد ستيف خياط المؤسس والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي في Phoenix Venture Partners على أهمية المحافظة على الشركات اثناء فترة التقلبات المالية.
وأشار إلى ان المستثمرين يركزون على الاستثمارات سريعة النمو ذات العائد الجيد وهذا ما يحدث عند البحث عن المناخ المناسب للاستثمار، ويشددون على ضرورة المحافظة في إدارة العمليات والتعامل بالمرونة مع التكاليف عن طريق تخفيض المصاريف مقارنة بالمنافسين.
بدوره، طالب ربيع خوري الشريك الإداري ومسؤول التخارج الرئيسي لشركة «ميدل إيست فينتشر بارتنرز» (Middle East Venture Partners (MEVP) بضرورة زيادة الاطروحات الخاصة في قطاع التكنولوجيا المالية لاسيما أن المطبق حاليا ليس على النحو المطلوب. وأكد ان من «أحد اهم الامور التي يريد ان يعيها المستثمر العائد على المحفظة مع مراعاة تطبيق معايير الحوكمة والتوزيع الجغرافي للاستثمارات المباشرة، مستشهدا بما تطبقه بعض الدول في توحيد القوانين المعمول بها.