المروءة خلق فاضل وآداب إنسانية تحمل المرء على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات والنخوة وكمال الرجولة، وهي إجمالا الإنسانية، وكان العرب أهل نخوة ومروءة، وقد سئل عبدالملك بن مروان عن المروءة، فقال: موالاة الأكفاء، ومداجاة الأعداء،. وقيل لمعاوية بن أبي سفيان: ما المروءة؟ فقال: احتمال الجريرة وإصلاح أمر العشيرة.
ومن المروءة قول عمرو بن الأطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي
وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وقولي كلما جشأت وجاشت
مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات
وأحمي بعد عن عرض صحيح
ومن كمال المروءة نجدة الضعيف والوقوف مع الحق، فهي تجمع بين أشتات الفضائل وتؤلف أبواب المحاسن وبها تسمو النفس وترتفع، وما أجمل قول الشاعر:
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا
فمطلبها كهلا عليه شديد
ولو تأملنا القرآن الكريم لوجدنا الترغيب في المروءة واضحا، فقد قال المولى عز وجل: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (الأعراف: 99)، ومن أعلى مراتب المروءة قوله تعالى: (وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (الفرقان: 63).
وإذا تحلى المرء بالمروءة صان نفسه عما يشينها، ومن هانت عليه نفسه وقعت في الرذائل، وثمة علاقة وطيدة بين المروءة وبقية محاسن الأخلاق، وعلى ذكر مروءة العرب في جاهليتهم، فهذه أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أمية، رضي الله عنها، أرادت اللحاق بزوجها في يثرب، فركبت بعيرها ووضعت ابنها في حجرها وحيدة غريبة، ثم همزت جنب الجمل، فرآها عثمان بن شيبة وهو ما زال مشركا، فأبت رجولته ومروءته أن يتركها، وقال: والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام بعيرها وسار بها إلى المدينة، حتى أوصلها إلى المدينة، فأثنت عليه خيرا، وهكذا العرب أهل كرم ومروءة وشهامة ونخوة، ودمتم سالمين.