يشهد الواقع الزراعي في الزبداني بريف دمشق حالة فريدة من نوعها، إذ إن المدينة التي شهد الناس على أشجارها وثمارها وكانت تعتبر من اجمل مصايف سورية، باتت اليوم بلا شجر أو ثمر.
هكذا يقول المزارع «أبو محمد» من منطقة الزبداني، مضيفا «أن النشاط الزراعي في المدينة أصبح يقتصر على البقوليات والخضراوات، أما الأشجار فهي قليلة جدا ولا تتجاوز ال 5% من سهل الزبداني».
ويشير أبو محمد بحسب تقرير لموقع «ار»، إلى صعوبة العمل الزراعي في المدينة ومحيطها بسبب عوامل عدة أبرزها أن المحاصيل في موسمها لا تحصل على سعر مجز، خاصة أن تسويق أغلبها يتم في السوق الداخلية، معتبرا أن الوضع المعيشي لمعظم السوريين يجعلهم يشترون المحاصيل بالحد الأدنى، دون شراء كميات كبيرة ل «المونة» كما كانت العادة بالنسبة لمحاصيل الفول والبازلاء.
وكشف مصدر في بلدية الزبداني ل «أثر»، عن أن عدد الأشجار المقطوعة في المدينة تجاوز ال 550 ألف شجرة مثمرة على مساحة تقدر ب 13 ألف دونم، إضافة إلى أن الحرائق الكبيرة التي اجتاحت سهل الزبداني عام 2019، أجهزت على نحو 200 شجرة مثمرة وآلاف الدونمات من المحاصيل الحقلية.
وأشار المصدر أيضا إلى الأضرار البيئية التي لحقت بالمدينة جراء قطع الأشجار، حيث انخفض معدل هطول الأمطار بواقع 400%، إذ إن معدل الهطل السنوي قارب في عام 2010 حوالي 2500 ملم، بينما في عام 2023 لا يتجاوز الـ 516 ملم.
ويضيف: معدلات الهطول القليلة أجبرت الكثير من المزارعين على استهلاك كمية أكبر من المحروقات لسقاية المزروعات وهو ما يعود بالتكلفة الباهظة على الفلاح نفسه، حيث وصل سعر المازوت الحر المستخدم للسقاية في الزبداني إلى 17500 ليرة سورية.
إلى ذلك، اعتبر رئيس الجمعية الفلاحية في الزبداني محمود حيدر في حديثه، أن الفلاح فعلا يعاني في مدينة الزبداني سواء من غلاء في المحروقات، والمبيدات، عدا عن الدعم غير الموجود.
وأشار حيدر إلى أن الفلاح لا يجد الدعم من المصرف الزراعي أو من دائرة الزراعة في المدينة، حيث يقوم المصرف الزراعي بتسليم المزارع 4 كغم سماد للدونم الواحد بينما تصل أحيانا حاجة الشجرة الواحدة في حال تجاوز عمرها 30 عاما إلى الكمية نفسها، في حين أن الدونم نفسه قد يحوي حوالي 50 شجرة.
وبالنسبة لتوزيع الغراس، لفت حيدر إلى أن الزراعة لا تعطي الغراس بناء على طلب الجمعية الفلاحية فقط وإنما وفق ما سماه «النسبة والتناسب» حيث تطالب الجمعية بـ 10 آلاف غرسة مثلا فتصلها 20% من الكمية المطلوبة فقط.
وقال حيدر: «بالعام الماضي تم توزيع 2800 غرسة على الفلاحين وهذا الرقم لا شيء مقارنة بما يحتاجه السهل».
وتقع الزبداني على مسافة 45 كيلومترا شمال غربي العاصمة دمشق اشتهرت بكونها رئة دمشق وسلة الغذاء في ريفها، كونها تجمع السهل والجبل، وتعرف بغزارة ينابيعها وتراكم الثلوج فيها طوال فصل الشتاء.