حقوق الشعب الفلسطيني مشروعة، وقضيته عادلة، ومناصرته واجب شرعي، ومطلب إنساني، بل هو دليل على اكتمال الإنسانية، وقد كانت الكويت، شعبا وقيادة وحكومة، ومنذ تفجرت المشكلة الفلسطينية مهمومة بها، مشغولة بإيجاد سبل المؤازرة، تدعم نضال الأشقاء ضد لصوص الأرض والتاريخ، وفي هذه الأيام يحل اليوم العالمي للتضامن الفلسطيني، على وقع هجمات المحتل الشرسة ضد الأبرياء، وصمت دولي غير مبرر.
لقد كانت قيادتنا الحكيمة بارة كل البر بالنضال الفلسطيني المشروع، تحتضنه، وتهيئ له أسبابه، مؤمنة بعدالة مطالب أصحاب الأرض، جاعلة من هذه المطالب قاعدة صلبة تنطلق خلالها، تتمشى فيها روح شعبها الأبيّ، وإيمانها المطلق بضرورة إزالة آثار الجريمة التي طالت الإنسان والبنيان. وفي الحقيقة، وعلى امتداد تاريخ المعاناة الفلسطينية وأزماتها المتعاقبة، كانت للكويت وقفاتها المشرفة المعلنة عربيا ودوليا، التي لم تستنكف يوما عن التصريح بجناية المحتل الغاشم، وتذكير العالم بعدوانه السافر، وهي في سبيل ذلك لا تتردد في كل مناسبة في إحياء القضية في ذاكرة الأمة، بل واستنباتها في وجدان النشء المسلم، وتربيته على قيم النصرة والتضامن.
والشيء بالشيء يذكر، فقد وقفت الكويت موقفا يحسب لها في الأزمة الأخيرة، انتفض على إثرها الشارع خلف القيادة، المنحازة إلى الحق، وتبني صيغ التهدئة، ومراعاة الوضع الإنساني المتدهور خاصة في قطاع غزة، الذي مورست بحقه أبشع حروب الإبادة.
فإذا كنا بصدد الحديث عن التضامن الفلسطيني، فالواجب يقتضينا أن نسجل بأحرف من نور، ما يبذله العمل الخيري ومؤسساته من جهود مشكورة، ترجمت بصدق مشاعر أهل الكويت، الذين لم يبخلوا يوما عن مساندة إخوانهم، ما أعطاهم القوة ليصمدوا، والعزيمة ليقاوموا.
لقد ضربت مؤسساتنا الخيرية في هذا أروع الأمثلة، حين انطلقت حملاتها الإغاثية، لتخفف من معاناة المنكوبين، وتقلل من آثار الحرب، محفوفة برعاية أهل الخير المواسية لإخوانهم في محنتهم، تسبغ عليم مظاهر القوة، وتزيد تعلقهم بالحياة، وليست فزعتها الإنسانية ببعيد، التي أثبتت إرادة شعب، وأكدت توجيهات قيادة، آلت على نفسها إلا الاصطفاف إلى جانب قيم الإنسانية المثلى، ليتم وفي وقت قياسي تجهيز آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية، لتوزع على المتضررين خاصة في قطاع غزة، علاوة على إطلاق الحملات الإغاثية التي استطاعت وبالاتفاق مع الشركاء في الدول المجاورة لفلسطين، من إدخال مئات الشاحنات المحملة بأطنان المؤن الغذائية والدوائية ومستلزمات الإعاشة.
إن أجمل ما في الصورة، هو الإنسان الكويتي نفسه، الذي تسابق ومنذ الإعلان عن حملات التبرع، ليجود عن قناعة، مظهرا المعنى الإنساني الأسمى، ملتحما بقضايا أمته مناصرا لها، إن موقف دولة الكويت واضح وصريح، حين سعت إلى إيجاد سبل التهدئة، التي تجنب المدنيين العزل الاستهداف، وتوقف شلال الدم المتدفق، وإلزام المحتل بتقديم الضمانات التي تسمح للأطقم الإغاثية بمباشرة عملها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.