طلبت ابنتي الطالبة في المرحلة الثانوية من أخيها الذي يعمل في إحدى الشركات النفطية أن يعيرها بدلة العمل - بدل العمل في الشركات النفطية تصلح للرجال والنساء على حد سواء - واستغربت من طلبها، ولما سألت عن السبب، قالت إن غدا يوم المهن، وكل طالبة تلبس لبس المهنة التي ترغب بها في المستقبل، ولك أن تتصور طالبات المدرسة متزينات بلبس الدكتورات والمحاميات والممرضات والشرطة النسائية منظر جميل ويزرع قيمة التحفيز والطموح في نفوس الطالبات.
ربط القيم باللبس فكرة جميلة، ففي اليوم الوطني يطلب من الطلبة لبس الزي الوطني والتزين بأعلام الكويت، مما يعزز الحب والانتماء للوطن، وإذا شارك المنتخب بمباراة كبيرة، يقوم بعض الطلبة بلبس فانيلة المنتخب، وإذا كان يوم رياضي تتزين المدرسة بألوان مختلفة، فكل فريق له لون خاص به، مما يشعل الحماس أثناء اليوم الرياضي.
الملابس ليست مجرد قطعة قماش تتزين بها، بل لها دلالات كثيرة، فهي تعزز القيم بالنفس وترتبط بالقيم الوطنية والانتماء وبالتاريخ والعادات والتقاليد وبالهوية الإسلامية، وكل بلد يفخر بزيه التراثي ويعتبره جزءا من هويته وثقافته.
إحدى المعلمات ومن هذا المنطلق عملت يوما مدرسيا بعنوان «يوم العباية»، وهو أن تحضر كل طالبة للمدرسة بالعباية.. والعباية هي زي نسائي كويتي خليجي بشكل عام ويقال لها العباية والعباءة حسب اللهجات، الهدف منها ستر الجسم بشكل كامل.
كثير من بناتنا اليوم خاصة في مرحلة المراهقة تتردد كثيرا في لبس العباية والالتزام بها، ناهيك عن لبس النقاب والحجاب بدعوى صغر العمر وأحيانا بدعوى «اني لاحقة على لبس العباية وأبي استمتع بجمالية اللبس العصري والموضة» أو أن «صديقاتي لا يلبسن العباية فما أبي أكون مختلفة عنهم».
ويوم العباية المدرسي فكرة جميلة تعزز قيمة الالتزام الديني وتعزز قيمة الستر، والعباية اليوم ليست مجرد لبس بلون اسود يغطي كامل الجسم.. اليوم العباية أحد الأزياء الجمالية المهمة والتي تعزز أناقة المرأة ودخلت الموضة في تصميم العباية، وأصبح هناك مصممون ومصممات للعباية وللزي الإسلامي بشكل عام كما يطلق عليه، وأصبحت لها براندات خاصة فيها تضيف جمالا وأناقة وفخامة للعباية وتقام لها عروض أزياء.
ومن المفترض أن بناتنا اللاتي يتحرجن من لبس العباية في سن مبكرة أن يرفعن الحرج مع التطور الكبير للعبايات كزي ساتر للجسم، فاليوم العباية والبوشية والبرقع ليست كلبس أمهاتنا وجداتنا، وليست فقط لبسا يغطي الرأس ويستر الجسم، فاليوم تستطيع البنت أن تلبس العباية بشروطها الشرعية فضفاضة ولا تشف، وليست من لباس الشهرة وتحافظ بنفس الوقت على جماليتها ورونقها المميز وبتصميم عصري وبراند عالمي.
كل الشكر والثناء للأستاذة الفاضلة التي أحيت دور العباية في مدرستها وعززت قيمتها وقيمة اللبس الشرعي، وأذابت التخوف لدى بعض بناتنا من لبس العباية وشجعتهن على لبسها وهن مقتنعات.