يعد الدماغ عضوا معقدا يتطلب تغذية متوازنة وصحية ليعمل بكفاءة عالية، فالصلة بين التغذية السليمة والأداء العقلي علاقة وثيقة، حيث يؤثر ما نتناوله بشكل مباشر في قدرتنا على التركيز، والذاكرة، والمزاج وحتى الصحة العقلية العامة بشكل عام.
سأتناول في هذه السطور العناصر الغذائية الأساسية التي تدعم الصحة العقلية، وأثر النظام الغذائي على وظائف الدماغ بشكل مختصر.
فمن العناصر الأساسية لدعم الصحة العقلية، الأحماض الدهنية (أوميغا 3)، تعد هذه الأحماض الدهنية ضرورية لبناء أغشية الخلايا العصبية وتحسين وظائفها، ويسهم نقصها في ضعف الذاكرة، ومشاكل التركيز وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
أما فيتامين «ب 12»، فهو يلعب دورا حيويا في إنتاج مادة الميالين، والتي تحمي وتغطي الأعصاب وتساعد على نقل الإشارات العصبية، وبالتالي فإن نقص فيتامين بـ 12 يمكن أن يسبب تلف الأعصاب الطرفية وصعوبة المشي، وضعف الذاكرة.
فإذا تكلمنا عن فيتامين (D)، هو أحد العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم في بناء عظام صحية، وذلك لأن الجسم لا يمكنه امتصاص الكالسيوم، فيعتقد أيضا أن له دورا في وظائف الدماغ، وينتج الجسم هذا الفيتامين عند التعرض لأشعة الشمس، لذلك أن نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى تلين العظام أو هشاشة العظام، أو المعاناة من الآلام العضلية المزمنة.
وبالإضافة إلى الفيتامينات السابقة يوجد أيضا، فيتامين الحديد، وفيتامين الزنك، فكل من هما يساعد الجسم والعقل، فالحديد يعتبر ضروريا لنقل الأكسجين إلى كافة خلايا الجسم، ويساعد في علاج الأنيميا وزيادة قوة العضلات، واستخدام الطاقة في الجسم بكفاءة، ويقلل من الشعور بالتعب، أما فيتامين الزنك فيسهم في نمو وتطور الدماغ ويشارك في العديد من العمليات العقلية، كما أنه مهم أيضا لالتئام الجروح ولحاستي التذوق والشم، ومن خلال اتباع نظام غذائي متنوع، وعادة ما يحصل الجسم على ما يكفي من الزنك.
وأخيرا، مضادات الأكسدة، والكربوهيدرات المعقدة، فهما يحميان الدماغ من التلف، فمضادات الأكسدة تحمي خلايا الدماغ من التلف الناتج عن الجذور الحرة، وتسهم في الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية، أما الكربوهيدرات المعقدة، فتعتبر مصدرا مستداما لطاقة الدماغ، وتساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم، مما يحسن التركيز والانتباه.
ولا ننسى آثار سوء التغذية على الأداء العقلي، حيث يؤدي النظام الغذائي غير الصحي، الغني بالسكريات المضافة، والدهون المشبعة، والأطعمة المصنعة، إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، وكلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بأمراض الدماغ مثل الخرف، كما يؤدي نقص هذه العناصر الغذائية الأساسية إلى ضعف الذاكرة ومشاكل التركيز، ومزاج متقلب وحتى الاكتئاب.
الخلاصة: يؤثر النظام الغذائي بشكل كبير على الصحة العقلية والأداء العقلي، ومن ثم فإنه باتباع نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية، يمكننا تحسين وظائف الدماغ، وتعزيز الذاكرة والتركيز، والمزاج، والحفاظ على الصحة العقلية بشكل عام.
لذلك ينبغي الاهتمام بتغذية الجسم بشكل صحيح، للحصول على أفضل أداء عقلي، ولا يمكننا إنكار الدور المحوري الذي تلعبه التغذية في تعزيز الصحة العقلية والأداء المعرفي. فكما يغذي الطعام جسمنا، فإنه يغذي الدماغ أيضا، ومن خلال الوعي بالمواد الغذائية الأساسية واحتياجات دماغنا، وبتبني عادات غذائية صحية، نستثمر في صحتنا العقلية ونضمن أداء عقليا أفضل، لذلك يمكننا من العيش حياة أكثر إنتاجية وسعادة، فيجب علينا تغيير نمط حياتنا الغذائي ليس مجرد مسألة اتباع حمية، بل هو استثمار في مستقبلنا العقلي.
[email protected]