هي أكثر من مجرد أماكن تعرض فيها التحف واللوحات الفنية، إنها الساحات السحرية التي تتشابك فيها الأبعاد، حيث يلتقي الواقع بالخيال، ويعيد الزمان والمكان تشكيل نفسيهما في إطار من الإبداع.
فتلتقي أعمال من حضارات قديمة مع إبداعات معاصرة، كما يندمج الفن الآسيوي مع الغربي أو الأفريقي، وتتحول الحدود الفردية إلى تجربة فنية جماعية. إنها الأماكن التي تدعونا للبحث عن الجمال في أبسط الأشياء، ولرؤية العالم من زوايا لم نكن نعلم بوجودها.
سوق المزادات الفنية: شهد نصف القرن الثامن عشر، بداية التاريخ الحديث للمزادات، أحداثا رئيسة منها البيع في مزاد لمجموعة فنية رئيسة، تنتمي إلى إدوارد أكسفورد، مما ساهم في إنشاء أكبر دور مزادات بالعالم، وذلك في لندن، وهما: دار سوثبي للمزادات عام 1744، تلتها دار كريستيز عام 1766.
وقد تأسست دار سوثبي للمزادات، وهي أقدم وأكبر شركة معترف بها دوليا لمزادات الفنون الجميلة في العالم، ولديها شبكة عالمية تضم 80 مكتبا، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية في جميع أنحاء العالم حاليا أكثر من 7 مليارات دولار.
وشهدت فترة الثمانينيات حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أسعارا قياسية لمبيعات فنية في دار سوثبي كلوحة لبيكاسو، التي بيعت في نيويورك مقابل 104 ملايين دولار (2004) ولوحة لوارهول مقابل 108 ملايين دولار (2013).
كما تعد كريستيز من دور العرض الرائدة عالميا في مجال الفن والرفاهية، ولها حضور فعلي في 46 دولة، ومراكز مبيعات دولية رائدة في كل من نيويورك ولندن وهونغ كونغ وباريس وجنيف. وتشتهر كريستيز بتقييم الأعمال الفنية، حيث تغطي أكثر من 80 فئة من الأعمال الفنية التي فاقت أسعارها الـ 100 مليون دولار.
الملاذ الآمن في الأزمات: سجل العام الماضي رقما قياسيا جديدا في حجم معاملات المزادات التي تشمل أعمال الفن المعاصر، فقد تم تداول أكثر من 132 ألف عمل فني. كان النمو مدفوعا بعدة عوامل، كعولمة الطلب والمبيعات الرقمية عبر الإنترنت. ففي قلب هذه الديناميكية، يوجد أيضا قطاع الأعمال «الميسورة التكلفة»، التي ظلت قيمتها أقل من 5000 دولار، وهنا شهد العرض والمعاملات نموا أسرع، حيث سجل نموا بلغت نسبته 6% في عام واحد فقط.
وبالمعنى الملموس، شكلت هذه الفئة السعرية أقل من 5000 دولار تمثل 82% من إجمالي مبيعات الفن المعاصر خلال العام، وقد شهد هذا القطاع ميسور التكلفة تسارعا ملحوظا ثلاثي الأهمية على مدار العقد الماضي.
ويمثل اليوم الفن المعاصر 17% من إجمالي مبيعات المزادات العالمية من الفنون الجميلة والرموز غير القابلة للاستبدال NFTs، بقيمة 11 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، ازداد عدد الأعمال الفنية المعاصرة المباعة في المزادات بأكثر من الضعف في عشر سنوات، ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى الرقمنة الهائلة لمبيعات الأعمال الفنية منذ أزمة كوفيد.
لهذا يجد الخبراء الاقتصاديون أن أسواق الفن ملاذ آمن في حال عدم اليقين بالبورصات العالمية، وسيؤدى ذلك إلى جلب استثمارات جديدة إلى أسواق الفن.
HamadMadouh@
[email protected]