شهد العالم في تاريخه الحديث قيام تنظيمات تجمع أكثر من دولة، وذلك لتحقيق أهداف ومصالح مشتركة لأعضائها يصعب على الدولة بمفردها أن تحققها. ونظرا للتطور الاقتصادي في زمننا الحاضر والتباين والاختلاف في توزيع الثروات الطبيعية من معدنية وزراعية ومصادر الطاقة في دول العالم الذي شهده العالم بعد الحرب العالمية الثانية وظروف الحروب والاضطرابات الإقليمية التي مرت بها البشرية، فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لمعظم شعوب العالم، والتي تأثرت بهذه الحروب بطريق مباشر وغير مباشر، لذا أصبح التكتل الاقتصادي ظاهرة سائدة وضرورة اقتضتها الظروف لمواجهة الأخطار الاقتصادية التي تتعرض لها الدول في السلم والحرب وفوائد كثيرة تحقق التكتل الاقتصادي للدول المنظمة في مجموعة من مجموعاته، مثل ضمان الحصول على الموارد وتوسيع نطاق سوق السلع المنتجة، الأمر الذي يترتب عليه زيادة الإنتاج وخفض التكاليف. ويؤدي التكتل الاقتصادي إلى رفع مستوى المعيشة وزيادة القوة الشرائية والتكامل الاقتصادي بين دول المجموعة، وكذلك الاستفادة من الموارد الاقتصادية المعدنية والزراعية ومصادر الطاقة الموزعة بين دول مجموعة التكتل، والعمل على سياسة الاكتفاء الذاتي والعمل بكل الوسائل للاستغناء عن الخارج.
وليـس بالضــرورة أن يــأتي التكتـل الاقتصادي بفــوائد متساوية لجميع دول المجموعة، حيث هناك اختلاف بـين دول التكتل من حيث الموقع الجغرافي والمساحة والكثافة السكانية والموارد الاقتصادية (زراعية - معدنية - مصادر طـاقة) والارتباط بوسائـل النقــل المختــلفة بسهولة ويسر. وشعوب قارة أوروبــا أول من أسهم في نشأة التكتلات الاقتصادية نتيجة لتعرض هذه الشعوب لأزمات بسبب الحروب العالمية الأولى والثانية، ومن التكتلات المهمة على مستوى العالم السوق الأوروبية المشتركة ومنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة أقطار جنوب شرق قارة آسيا «الآسيان» ومنظمة الأقـطار المصدرة للبترول «أوپيك» وتكتل مجموعة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي تكون عام 1981، ويضم ست دول هي: المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ودولة قطر ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، حيث تأثرت هذه الدول باضطرابات الأوضاع الإقليمية غير المستقرة. وفي ظل أجواء مخاطر الحرب الإيرانية- العراقية، جاء هذا التكتل لحماية المنطقة من مخاطر الحروب وتأثيراتها، حيث تتسم مساعي تكتل دول مجلس التعاون المسالم بالاعتدال داخليا وديبلوماسيا مع الحرص على الاستقرار والمحافظة على حدوده وسيادته وملتزما بالتقاليد والصداقة مع جميع الأطراف.
والتعاون العسكري والأمني بين دول مجلس التعاون يأخذ الأولوية، فليس من الممكن تحقيق تطور في الاقتصاد والتجارة والاستثمار إذا كان الوضع الأمني غير مستقر بالجوار الجغرافي.
ويسعى مجلس التعاون لمواصلة دوره الإيجابي الذي يقوم به لمصلحة الأمن العالمي واستقراره والمساهمة في تأمين الهدوء والاستقرار بالمنطقة من أجل تقدم وازدهار المنطقة ورفع شأنها.
[email protected]