«من قصر إلى متحف» هذا بالمختصر تاريخ القصر الأحمر الواقع في منطقة الجهراء، والذي كان سكنا صيفيا لحاكم الكويت السابع الشيخ مبارك الصباح، حيث ذاع صيت القصر بشكل كبير بعد معركة الجهراء التي وقعت عام 1920.
أعيد ترميم القصر وافتتاحه كمتحف تحت إشراف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في نوفمبر الفائت، أي منذ أيام قليلة، ووجدت ذلك فرصة للتعرف على متحف جديد بالكويت ضمن جولاتي الثقافية الأسبوعية هنا. وقد سجلت في رحلة من تنظيم «أصدقاء دار الآثار الإسلامية»، وتوجهنا على متن حافلة سياحية إلى القصر الأحمر وإلى قرية الجهراء العتيقة، حيث كانت في استقبالنا أمين متحف القصر الأحمر أ.عبير الجفيرة التي اهتمت بكل تفاصيل الزيارة ووفرت كذلك مرشدة تتحدث الإنجليزية للأجانب الذين كانوا معنا، وكانت ضيافة القصر الأحمر وأهل الجهراء مختلفة بشكل يعكس أصالة الهوية العربية والضيافة الأصيلة. بدأت الجولة في متحف السلاح المجدد كليا، وكان التطوير والترميم باهرا بشكل إيجابي لم أكن أتوقعه، حيث كان متحف السلاح مليئا بالبنادق والأسلحة الأثرية القديمة، ومعروضة بشكل واضح، وتسرد معلومات قيمة عن كل بندقية. لفت نظري وجود مدفع حقيقي استخدم في معركة الرقة عام 1783، وكذلك وجود بعض الأحزمة المليئة بالرصاص منذ ذلك الوقت بغرض استخدامها للدفاع.
توجهنا بعد ذلك إلى مدخل القصر الأحمر للتعرف على أقسامه، واللافت للنظر وجود أشجار السدر المعمرة وكذلك «البير» وسط المدخل أو «الحوش». كذلك تجولنا في أروقة القصر ومررنا بين أقسامه، منها غرفة الإمام وغرفة الحارس وغرفة نساء القصر وغرفة الحاكم، وكذلك الإسطبل وغيرها. وكان من المميز وجود بعض المشاركين المهتمين بالتراث والإبل وصناعة السيوف، والأكلات التراثية، ولأول مرة أتذوق «الچرثي أو الكرثي» الذي يعتبر لبنا يشبه الجبن يؤكل مع التمر، وهناك تفاصيل كثيرة لا يسعني تدوينها هنا.
نحن بحاجة لتفعيل دور المتاحف بشكل أكبر كوجهات سياحة بديلة عن الأماكن الترفيهية التقليدية والملاهي المعتادة، وكذلك تعزيز دورها كوجهات تعليمية وترفيهية وتنويرية، لطالما تساءلت شخصيا: أين متاحفنا؟ ووجدت أنها موجودة- وهي ليست نظير موازنة مع دول الغرب- بسبب العديد من العوامل والفروقات الثقافية، لكن نمتلك هذه الصروح «المنسية»، والتي تعتبر وجهات سياحية ناجحة وتجربة فريدة وجديدة للتعرف على ثقافة وتاريخ الكويت والمناطق الأخرى، وهي فرصة لدعوة المواطنين والزوار وضيوف الكويت للتعرف عليها خاصة أننا مقبلون على الحدث الكبير القادم باختيار الكويت «عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025».
بالقلم الأحمر: ينظم القصر الأحمر موسما ثقافيا، في الفترة المسائية فعاليات تراثية مصاحبة والدخول إليها بالمجان.
AljaziAlsenafi@