[email protected]
عقيدة الإسلام تنكر نظرية تناسخ الارواح بأزلية النفس أو الروح، فهناك من يقول: الروح إذا خرجت من جسد الميت تنتقل الى جسم آخر!
قضية تناسخ الارواح قضية ليست مستجدة في مجتمعاتنا، وهي من المواضيع الشائكة، خاصة موضوع «الروح»، تلفت انتباه الناس على اختلاف درجة ثقافتهم، علما ان الكثير يطرح قضية تناسخ الارواح وكأنها من المسلمات (لقلة علمه وجهله)!
ليعلم هو وامثاله ان الروح ملك لله وحده، وان استنساخ الارواح امر مستحيل؛ لأن الروح امر إلهي.
مشكلتنا اليوم فيما يسمى بتناسخ الارواح ان هذا الامر اسطورة خرافية بدائية، قد تجد لأسئلتك فيها اجوبة وقد لا تجد، لأن دعاة التناسخ كانوا يهدفون الى اهداف مريبة منها، نسف عقيدة اليوم الآخر في نفوس الناس والشباب على وجه الخصوص بأسلوب خبيث لا يبعث على الشك!
هذا الامر يتطلب دراسة «علمية ـ شرعية» لتبيان حقيقة التناسخ وأصولها وآثارها في العقائد والاديان!
وهنا، أحيي د.محمد احمد الخطيب الأستاذ المشارك في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية على إصداره كتيبا رائعا بعنوان «تناسخ الأرواح أصوله وآثاره وحكم الإسلام فيه».
نحن بحاجة ماسة لتبيان معارضتها الواضحة لعقيدة الاسلام في الروح والبعث (عالم البرزخ) والجنة والنار.
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم القرآن الكريم (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ـ الإسراء: 85).
من قراءتي لحقيقة فكرة تناسخ الارواح وتبين اصول هذه الفكرة وكيفية وصولها الى المجتمعات الاسلامية، اتضح لي ان بعض الفلسفات والاديان لها آثار فكرية في هذا الموضوع الشائك!
الجميل في الموضوع ان الفلاسفة بعضهم عارض فكرة عقيدة الاسلام في الروح والبعث والجنة والنار، وفي الجانب الآخر هناك من عرف انواع التناسخ وتابع تجزئته وتطوره ونظرة الشعوب والاديان له مثل الفراعنة والهنود والاغريق والفرس.
نعم، تناسخ الارواح أثّر في الفرق، خاصة المتصوفة والفلاسفة الاسلاميين!
عزيزي القارئ: الموضوع شائك جدا، والانسان السوي هو من يبحث عن الاجابات الروحية الصحيحة التي توصله الى بر الامان، ولا تدخله في الظنون والوسواس الخناس!
التناسخ يعني عند أمة العرب: التتابع والتداول.
وفي المعاجم «تناسخ الشيئان» أي نسخ أحدهما الآخر، وتناسخت «الأرواح» أي انتقلت من اجسام الى اخرى، ومؤداها ان روح الميت تنتقل الى حيوان اعلى او اقل منزلة لتنعم او تعذب جزاء على سلوك صاحبها الذي مات!
اما المعاجم الفلسفية فتعرف التناسخ بأنه انتقال الروح بعد الموت من بدن الى آخر انسان او حيوان!
ويسمى التناسخ ايضا تقمصا عند البعض، فهو مصدر لفعل تقمص أي لبس القميص، وفاعل هذا الفعل هو الروح!
مفهوم هذه العقيدة ان الروح جوهر خالد، وهي أزلية باقية، اما الجسد فهو قميصها الذي يبلى ويخرق فتستبدله عندئذ بقميص آخر تنتقل اليه.
ومضة: الروح هي نظرية التناسخ، وهي محور التتابع، والاصل في التداول، لذا سميت «تناسخ الارواح»!
ولم يقولوا بتناسخ الاجساد، لأن جوهر النظرية الروح وليس الجسد!
ان وظيفة الجسد فيها مقصورة على انه وعاء لتتابع الروح وميدان تداولها وليس موضوع التتابع والتداول.
هناك الروح العلوية التي هي اصل هذه ا لارواح الجزئية والتي ترجع الى اصلها الذي جاءت منه.
اما عن انواع التناسخ فهي عند اصحاب هذه النظرية اربع مراتب، تشمل: النسخ ـ المسخ ـ الفسخ، اما الرابعة فهي عكس المرتبة السالفة وضدها.
خووش حچي: لقد أدرك الانسان منذ بدء الخليقة ان الجسد والروح متغايران، وان الروح اقوى من الجسد، لكنه ادرك ان الموت حدث مخيف!
لقد دلت الدراسات الحديثة الخاصة بالروح ان جسد هذا الكائن مادي، وهو يعمل بوجود الروح، اما اذا مات ودخل الانسان عالم البرزخ فعلمه عند الله.
على العموم، تبقى الحقيقة: ان الاصول التي انتجت التناسخ هي اصول وثنية لا علاقة لها بالاديان السماوية، وانما عقائد وفلسفات وضعها عقل الانسان المتأثر بالبيئة الوثنية التي كان يعيش فيها.
ان نظرية التناسخ تدل على النظرة المادية الحسية للكون والحياة والروح.
استطاعت الصهيونية ان تبذر البذرة الاولى للتناسخ في المجتمعات الاسلامية عن طريق الحلول والتجسيد والنظريات التناسخية!
وقد لعب المترجمون دورا كبيرا في نقل كثير من الافكار المعادية للاسلام والمناقضة للعقيدة الاسلامية الصحيحة القائمة على الكتاب والسنة.
ولا استطيع ان اخفي دور الفلاسفة خاصة اليونانيين بالعبث بالعقل الاسلامي.
عندما ترى من يستشهد بآيات القرآن الكريم من قبل أهل التناسخ فهذا دلالة على نية هؤلاء في النيل من الاسلام واظهاره بمظهر التناقض، مع ان القرآن الكريم يؤكد وبوضوح ان الحياة الدنيا واحدة للجسد والروح، وان العودة للحياة امر مستحيل، نعم قد يستنسخون جسد انسان لكن ليس الروح!
علينا ان نعلّم الاجيال المسلمة ان الاسلام يرفض نظرية تناسخ الارواح، لأن الوحي هو من مصدر الغيبيات، والروح من الامور الغيبية التي لا طاقة للعقل الانساني معرفة ماهيتها، لأنه لا سلطان للعقل عليها.
ان الروح سترجع الى صاحبها يوم القيامة لتنال جزاءها، فإما الى الجنة واما الى النار، وتظل الروح سرا إلهيا مرتبطا بالوجود والخلق، موضوع شائك جدا يحتاج الى متخصصين تتحاور معهم!
والله اعلم، وفوق كل ذي علم عليم، وتسلمون من التناسخ!