قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن قراءة مؤشر ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة، والصادرة عن «كونفرنس بورد» أظهرت تراجعا ملحوظا، إذ سجلت 104.7، وجاءت أقل بكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى وصولها إلى 112.9.
وأشار «الوطني» إلى أن هذا الرقم لا يظهر فقط انحرافا عن التوقعات، بل يعكس أيضا انخفاضا طفيفا مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 112.8، الأمر الذي يشير إلى تراجع معنويات التفاؤل بين المستهلكين، وفي الوقت الذي يشكل فيه الإنفاق الاستهلاكي جزءا كبيرا من النشاط الاقتصادي، فقد يكون لهذا التراجع تداعيات واسعة على الاقتصاد الأميركي.
ويعد مؤشر ثقة المستهلكين من المؤشرات الرئيسية التي تستخدم لتوقع أنماط الإنفاق المستقبلية، إذ عادة ما تشير القراءات المرتفعة إلى تفاؤل ينعكس في زيادة الإنفاق والنمو الاقتصادي، بينما تدل القراءات المنخفضة على توجس قد يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي.
كما يمكن أن ينظر إلى هذا الانخفاض غير المتوقع كإشارة سلبية للدولار الأميركي، حيث أن الثقة القوية تدعم العملة، بينما قد تؤدي القراءات الضعيفة إلى الضغط على الدولار. وسيحظى هذا التراجع باهتمام واسع من قبل الاقتصاديين وصانعي السياسات، الأمر الذي قد يؤثر على قرارات السياسة المالية والنقدية الهادفة إلى استقرار الاقتصاد.
كما قد تضطر الشركات إلى تعديل استراتيجياتها لمواكبة التغيرات التي تطرأ على معنويات المستهلك، ما يبرز التأثير العميق لهذا المؤشر، وعلى الرغم من أن القراءة التي جاءت أقل من المتوقع تثير القلق بشأن الإنفاق الاستهلاكي والنمو الاقتصادي في المستقبل، إلا أنها تظل عنصرا واحدا ضمن مجموعة واسعة من العوامل التي تشكل مشهد الاقتصاد الكلي.
مبيعات المنازل الجديدة
وأشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى أن مبيعات المنازل الجديدة للأسرة الواحدة في الولايات المتحدة شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 5.9% في نوفمبر 2024 مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى معدل سنوي قدره 664 ألف وحدة، متجاوزة بذلك توقعات السوق التي كانت تشير إلى وصول المبيعات إلى 666 ألف وحدة.
وسجلت المبيعات ارتفاعات كبيرة في منطقتين، إذ ارتفعت في الجنوب (بنسبة 13.9%) وفي الغرب الأوسط (بنسبة 17.3%). في المقابل، شهدت المبيعات تراجعا في الغرب (بنسبة 7.5%) والشمال الشرقي (بنسبة 41%).
وبلغ متوسط سعر المنازل الجديدة 402.6 ألف دولار، في حين سجل متوسط السعر في الولايات المتحدة 484.8 آلاف دولار. أما مخزون المنازل المعروضة للبيع فقد بلغ 481 ألف منزل، ما يعادل 8.9 أشهر من العرض بناء على وتيرة المبيعات الحالية.
وسجل مؤشر ريتشموند الصناعي تحسنا هامشيا في ديسمبر، إذ بلغت قيمته الفعلية -10 نقاط بما يتسق مع التوقعات، ومرتفعا من المستوى السابق البالغ -14 نقطة. في المقابل، نجح مؤشر ريتشموند لظروف الأعمال في الحفاظ على استقراره عند 14 نقطة بعد المراجعة.
وفي المقابل، شهد المؤشر غير الصناعي للبنك الفيدرالي في فيلادلفيا تراجعا ملحوظا، إذ بلغت قيمته الفعلية -6 نقاط، متجاوزا التوقعات السلبية البالغة -2.4 نقطة. وعلى الرغم من التحسن المحدود الذي سجله قطاع التصنيع، إلا أن المؤشرات العامة لقطاعي التصنيع والخدمات في الولايات المتحدة ما زالت تشير إلى ضعف ملحوظ، مع ظهور إشارات على تدهور أوضاع القطاعات غير التصنيعية.
طلبات إعانات البطالة
وفي سياق آخر، ذكر التقرير أن أحدث بيانات طلبات إعانات البطالة الأولية أظهرت انخفاضا هامشيا، إذ بلغ عدد طلبات المتقدمين لأول مرة 219 ألف طلب، أي أقل من التوقعات البالغة 223 ألف طلب والقراءة السابقة البالغة 220 ألف طلب.
ويعكس هذا الانخفاض البسيط تحسن سوق العمل بوتيرة تدريجية، مع تسجيل تراجع قدره 4 آلاف عن التوقعات و1000 طلب مقارنة بالبيانات السابقة. وتعتبر بيانات طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية، التي تصدر أسبوعيا، من أبرز المؤشرات الاقتصادية الأميركية التي تتم متابعتها عن كثب، حيث تعتبر الأرقام الأقل من المتوقع إشارة إيجابية على قوة الاقتصاد. ويعكس الانخفاض الأخير في عدد الطلبات سوق عمل أكثر استقرارا، حيث يقل عدد الأفراد الذين يسعون إلى الحصول على إعانات البطالة. كما يسهم هذا التحسن في تعزيز الدولار الأميركي، نظرا لإشارته إلى استمرارية القوة الاقتصادية. وعلى الرغم من تواضع معدل التراجع، إلا أنه يبرز مرونة سوق العمل حتى في ظل التحديات المحتملة. أما على صعيد النظرة المستقبلية، ستظل هذه البيانات محور اهتمام لتحليل قوة الاقتصاد وتأثيرها على الأسواق المالية.
الناتج المحلي الكندي
وفي كندا، قال التقرير إن الاقتصاد سجل نموا بنسبة 0.3% في أكتوبر 2024، متفوقا على التوقعات البالغة 0.2%، بدعم من المكاسب القوية لقطاعي استخراج النفط والغاز (2.4%) والتصنيع (0.3%). وجاء هذا الأداء بعد مراجعة تصاعدية لمعدل النمو المسجل في سبتمبر إلى 0.2%، إلا أن التوقعات تشير إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في نوفمبر، نتيجة تراجع نشاط التعدين والنفط والغاز والنقل، على الرغم من نمو قطاعات الإقامة والخدمات الغذائية والعقارات.
وفي سياق مساعيه لمعالجة تباطؤ النمو، خفض بنك كندا سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 3.25%، مع توقعات بمزيد من التخفيضات التدريجية. من جهة أخرى، تشير الأسواق إلى احتمال خفض سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس في يناير المقبل بنسبة 27% بما يعكس استجابة البنك المركزي للتحديات الاقتصادية المتزايدة.