حظيت دولة الكويت بإشادة واسعة النطاق جراء نجاحها في تنظيم بطولة كأس الخليج، ما بث في نفوس المواطنين والمقيمين مشاعر الفخر والاعتزاز. ولا ريب في أن هذه النجاحات تشكل محطة مهمة في مسار التطور والتقدم المستدام، كما تسهم في إشاعة أجواء من التفاؤل والأمل. وفي هذا المقام، تتوجه مختلف الأوساط بالشكر والثناء إلى كل من شارك في هذا النجاح، وكانت كفاءة رفيعة المستوى في إدارة حدث رياضي ذي صيت إقليمي ودولي، الأمر الذي عزز مكانة الكويت على الساحتين الإقليمية والدولية.
وعلى صعيد مواز، يستعد المجتمع الكويتي بعد أيام، لاستضافة فعاليات «الكويت عاصمة الثقافة العربية 2025»، حيث يتجلى تنظيم كأس الخليج كنموذج يحتذى به في التخطيط الدقيق والمتابعة الدؤوبة والابتكار في صوغ الأفكار. وإذا كان الاهتمام بالرياضة يعزز صحة البدن ويعمق روح الانتماء الوطني، فإن الاستثمار في النشاط الثقافي يؤدي دورا بالغ الأهمية في إثراء وعي الأفراد وترسيخ مكانة الفنون والفكر والآداب. وتأتي فكرة الاحتفاء بالكويت عاصمة للثقافة العربية منسجمة مع تراث ثقافي عريق نمت في ظلاله أجيال من الكتاب والمبدعين والمفكرين، بيد أن هذا الزخم يحتاج إلى منظومة متكاملة تحيي الشغف بالمعرفة والإبداع، تماما كما اشتعلت حماسة الجماهير في مدرجات كأس الخليج.
في هذا الإطار، ندعو وزير الإعلام وجميع الجهات المعنية لإعلاء شأن الثقافة، على غرار ما حققوه في القطاع الرياضي:
«نطمح أن تبلغ فعاليات (الكويت عاصمة الثقافة العربية 2025) نفس المستوى المرموق الذي تحقق في تنظيم كأس الخليج، بل نسعى إلى تطويرها بشكل أكثر ابتكارا وعمقا، بما يعكس اتساع آفاقنا الثقافية ويعزز دور الكويت الريادي في المشهد الثقافي العربي».
ولا يخفى على أحد أن الإعلان عن جائزة عالمية لدعم الثقافة والأدب بالمزامنة مع انطلاق الفعاليات، سيضفي بعدا إضافيا لطموح الكويت في تحقيق تميز ثقافي، بما يعزز حركة التأليف والترجمة والنشر في المنطقة. ومن الملائم أيضا أن يواكب ذلك تجديد المنشآت الثقافية وتطوير بناها التحتية، بغية خلق بيئة تحتضن أشكال الإبداع كافة، وتستثمر الحدث للارتقاء بحضور الكويت عربيا وعالميا. وسيمهد هذا الاهتمام المركز الطريق نحو البناء الثقافي للمستقبل، بحيث تهيأ أجيال قادرة على تعزيز مكانة الكويت في المشهد الفكري والفني.
ولبلوغ هذا الطموح، يتحتم علينا مواكبة المتغيرات العالمية والمضي قدما في تشجيع الابتكار الثقافي، سواء بإطلاق مبادرات جديدة أو باستقطاب رموز أدبية وفنية من شتى أنحاء الوطن العربي. وبينما تتنوع الأشكال الإبداعية من المسرح والسينما مرورا بالشعر والفن التشكيلي، يمكن للكويت تقديم مشهد ثقافي ثري يتلاقى فيه جمهور متعطش للإبداع ووسائل إعلام إقليمية ودولية تتطلع إلى تغطية الأحداث المميزة.
وفي ضوء هذه الرؤية، يأتي نجاح الكويت في تنظيم كأس الخليج شاهدا على قدرة المنظومة الرسمية، وفي مقدمتها وزارة الإعلام، على تنظيم فعاليات دولية باقتدار. ومن هنا تنبع الثقة في أن «الكويت عاصمة الثقافة العربية 2025» ستمضي قدما نحو إنجاز نوعي، تاركة بصمة متألقة في سجلات العمل الثقافي العربي. بهذه الخطوة، تترسخ صورة الكويت بوصفها منارة للإبداع والمعرفة والتسامح، مجسدة رسالة جامعة بين القيم الرياضية والثقافية، ليستمد منها الأمل في غد أكثر إشراقا وازدهارا.
tab6_khayran@