هادي العنزي
أسفرت مواجهتا الدور نصف النهائي لبطولة «خليجي زين 26» عن تأهل منتخبي البحرين وعمان إلى المباراة النهائية على لقب النسخة السادسة والعشرين للكأس الخليجية، التي ستختتم بعد غد السبت على ستاد جابر الأحمد الدولي، بعدما استمرت منافساتها لمدة 14 يوما شهدت مباريات مثيرة ومتكافئة في أغلبها بين المنتخبات الثمانية المشاركة، ليوشك «المشوار الخليجي» على نهايته بلقاء يجمع المنتخب العماني الذي لعب نهائي النسخة الماضية في مدينة البصرة أمام العراق البلد المستضيف وخسرها 2-3 في الأشواط الإضافية، بعد تعادل إيجابي (1-1) في الوقت الأصلي للمباراة النهائية، وستكون مواجهة البحرين فرصة مثالية للظفر باللقب للمرة الثالثة للمنتخب العماني، بعدما فاز بها عامي 2009 و2017، فيما يسعى «الأحمر» البحريني إلى لقبه الثاني بعد فوز أول ووحيد بالكأس عام 2019 في النسخة التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة.
وجاء تأهل «الأحمر» البحريني وشقيقه العماني بعد مواجهتين صعبتين، اذ قدم الفريقان أداء متميزا منذ بداية البطولة حتى إعلان تأهلهما رسميا، بعد فوز البحرين على «الأزرق» المستضيف 1-0، وتفوق المنتخب العماني على شقيقه السعودي 2-1، ولعل من المفارقات التي شهدها الدور قبل النهائي أن الفريقين اللذين تأهلا إلى المباراة النهائية أنهيا المباراة بعشرة لاعبين لكل منهما، مما يؤكد حقيقة راسخة أن كثرة العدد لن تتفوق يوما على الجودة الفنية.
«الأزرق».. ليس بالإمكان أفضل مما كان
وصول منتخبنا الوطني إلى الدور نصف النهائي لم يكن متوقعا للكثيرين، عطفا على الفترة التي يمر بها «الأزرق»، من عدم استقرار فني، وعروض ليست بمستوى الطموح في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026، لكن الفريق بروح عالية، وبدعم جماهيري كبير، تمكن من تجاوز الدور التمهيدي الصعب، بوجود منتخبات قطر، والإمارات، وعمان، ليواجه البحرين في مباراة لا تقبل القسمة على اثنين.
وغاب عن «الأزرق» أحمد الظفيري إحدى أهم ركائزه في وسط الملعب بسبب تراكم البطاقات الصفراء، وعدم جاهزية لاعبه المتألق الشاب يوسف ماجد للإصابة، فضلا عن الابتعاد المبكر للمدافع حسن حمدان، مما وضع المدرب الأرجنتيني خوان بيتزي في خيارات صعبة، ولم يحسن التعامل معها بالصورة المثلى، سواء من حيث البدء بالتشكيلة الأفضل والأكثر واقعية، أو من حيث عدم التعامل بالشكل المطلوب أمام فريق ينقصه عدديا، بالإضافة إلى التأخر الكبير والمكلف بالدفع بعناصر فعالة في الجبهة الأمامية، خاصة بعدما تأخر بهدف.
وواجه نجم الفريق محمد دحام في الجبهة اليسرى رقابة صارمة، وتمكن في الافلات منها في بعض الأحيان.
وفي المجمل، حقق «الأزرق» مكاسب كبيرة في «خليجي زين 26»، فقد استعاد ثقة جماهيره الوفية، واكتسب لاعبوه الشباب خبرة دولية مهمة، وأصبح أفضل مما كان عليه قبل مشاركته في البطولة، ووضع عدد من اللاعبين الشباب اقدامهم على أرض صلبة، بعدما أثبتوا جودتهم الفنية، ليحملوا المسؤولية، ويكونوا مستقبل الكرة الكويتية في السنوات المقبلة.
البحرين.. التكامل رغم النقص
أظهر المنتخب البحريني جودة عالية، وتكاملا في المهام داخل الملعب رغم النقص العددي الذي عانى منه بعد طرد مهاجمه مهدي عبدالجبار بعد مرور 8 دقائق فقط من الشوط الثاني، ليعيد المدرب الكرواتي دراغان تالاييتش ترتيب أوراقه سريعا، دون الإخلال بالمهام والواجبات الهجومية والدفاعية للفريق على حد سواء.
«الأحمر» البحريني كان الطرف الأفضل أغلب فترات المباراة، سواء قبل الطرد أو بعده، وتعامل مع المباراة برغبة الفوز والتأهل، واعتمد على الأفضلية البدنية للاعبيه، والجودة المهارية، وحيّد نقاط قوة «الأزرق» المتمثلة بانطلاقات محمد دحام، ومعاذ الأصيمع قبل استبداله، فبدا صلبا دفاعيا، وذا خيارات متعددة هجوميا، ليخرج بفوز ثمين، ويتقدم إلى المرحلة الأخيرة من البطولة.
«العماني».. التركيز سلاح رشيد
لم يقدم المنتخب العماني أمام «الأخضر» السعودي أداء مغايرا عما ظهر عليه منذ مباراته الافتتاحية في البطولة التي جمعته مع «الأزرق»، فهو فريق يعرف ما يريد، ومتى يهاجم ويدافع، ولديه العديد من الخيارات التكتيكية بقيادة مدربه الوطني رشيد جابر، الواثق بقدراته، والعارف جيدا بإمكانات لاعبيه الشباب.
أجاد المدرب جابر بتعامله مع مجريات القمة الكبيرة في قبل النهائي، فرغم نقص فريقه العددي لمدة 70 دقيقة، بعد طرد لاعبه المنذر العلوي (34) فإنه أظهر تماسكا فريدا أمام «الأخضر» الذي يعج بالنجوم، بل حوله بالروح العالية للاعبيه إلى محطة انطلاق جديدة فريقه، ولعل ذلك يرجع إلى الأمر الذي تحدث عنه كثيرا في مؤتمراته الصحافية في «خليجي زين 26»، «التركيز الذهني والحالة النفسية للاعبين»، ولعل الفوز على «الأخضر» السعودي يدل بما لا يدع مجالا للشك على أن رشيد أجاد في مهمته من الناحيتين الفنية والنفسية.
«الأخضر» السعودي.. فرصة ضائعة
ذكر المدرب الفرنسي هيرفي رينارد أن على المنتخب السعودي العودة سريعا إلى الطريق الذي اعتاد السير فيه، «المنافسة على مختلف البطولات»، وأكد أن «الأخضر» يحتاج الى عمل شاق وجهد كبير للوصول إلى ذلك الهدف، ويبدو أن الرجل أصبح قريبا من تحقيق هدفه بعد عودته للإشراف على الفريق للمرة الثانية، التأهل إلى الدور قبل النهائي في بطولة شديدة التنافسية يعد أمرا جيدا لمدرب لم يمض على تدريبه للفريق أكثر من 9 أسابيع، وقد كشفت له بطولة «خليجي زين 26» العديد من نقاط الضعف التي سيعمل على تقويتها، كما أظهرت له مكامن قوة سوف تساعده كثيرا خلال الفترة المقبلة لتحقيق النقلة النوعية المرتجاة لفريق عريق اعتاد أن يكون طرفا رئيسا في المناسبات الآسيوية الكبيرة.
الاستحواذ بنسبة 70% في مباراة عمان الناقص عدديا، والتسديدات على المرمى العماني التي وصلت إلى 18 تسديدة، لم تكن كلها كافية للخروج فائزا، والأفضلية الميدانية ليست وحدها الطريق إلى الفوز، أن تمرر 452 تمريرة صحيحة مقابل 155 لخصمك، ولا تسجل هذا أمر يحتاج إلى دراسة فنية موسعة، تعالج معها مواطن الخلل، ليعود «الأخضر» سريعا إلى الطريق الذي اعتاده، ورينارد لديه من الإمكانات ما يمكّنه من فعل ذلك في فترة قياسية.