في عصرنا الراهن، حيث تتزايد مظاهر الوقاحة والجرأة في التعبير والتصرفات، ويعود الأدب لينظر كملاذ آمن لمن يحمل معاني الجمال والتهذيب، ويبرز كواحد من القيم التي تحتاجها مجتمعاتنا اليوم وأكثر من أي وقت مضى، لذلك أصبحت الوقاحة سمة بارزة في العديد من جوانب الحياة اليومية. بدءا من وسائل الإعلام وانتهاء بالتعاملات الاجتماعية، ومع ذلك فإن الأدب بفضائله المختلفة، يعتبر منارة تضيء طرقنا في عالم يتسم بالانعكاسات السلبية، في زمن تتفشى فيه الوقاحة وتعتبر سلوكا شائعا، بل وحتى ينظر إليه أحيانا على أنه علامة على القوة أوالثقة بالنفس، فيبرز الأدب كسلوك ملفت للنظر، وكأنه نبتة نادرة في صحراء قاحلة. فما كان ذات يوم سلوكا متوقعا ومسلما به، أصبح اليوم يشكل تناقضا صارخا مع المحيط، مثيرا للدهشة والإعجاب في آن واحد.
فتعتبر الوقاحة ظاهرة لها تأثير واسع في حياتنا المعاصرة، فقد زادت المظاهر العدائية والتصرفات غير اللائقة في التعاملات اليومية، سواء على مستوى الأفراد أو في وسائل التواصل الاجتماعي، يجد الأفراد أنفسهم في عالم من الإهانات والشتائم والإساءة، والتعبير عن الذات بطريقة جارحة وغير لائقة، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، مدفوعة بعوامل متعددة، منها سهولة التواصل عبر الإنترنت وانعدام الرقابة، كما أن التنافس الشديد في الحياة وانعدام الثقة المتبادلة، قد ساهمت في انتشار هذا السلوك السلبي.
وفي المقابل يقف الأدب شامخا كرمز للقيم الإنسانية الراسخة، فهو احترام للآخرين، وتقدير لآرائهم والتعبير عن الذات بطريقة لبقة وحكيمة، فالأدب ليس ضعفا، بل هو قوة نابعة من الثقة بالنفس والوعي، فهو يمكن الفرد من التواصل بفعالية دون الحاجة إلى اللجوء إلى الأساليب العدوانية أو الجارحة، ومع انتشار الوقاحة، يصبح الأدب بمثابة «منعش» في حياة مليئة بالصخب والمشاحنات، شخص يتعامل بأدب واحترام يبرز من بين حشد من الأشخاص الوقحين، ويحدث فرقا إيجابيا، فهو يظهر نضجا ورقيا، ويشجع الآخرين على اتباع نهجه، لذلك الأدب يخلق جوا من الاحترام المتبادل، ويسهم في بناء علاقات صحية وقوية.
الخلاصة: في ظل انتشار الوقاحة، يصبح الأدب ملفتا للنظر، ليس فقط لأنه نادر، بل لأنه قيمة إنسانية جوهرية، تثري الحياة وتحسن العلاقات بين الأفراد، وتسهم في بناء مجتمع أفضل، إنه بمثابة «مصباح» يضيء الطريق في زمن مظلم، دعونا نحتفي بالآدب ونشجع على ترويجه ليكون علاجا لانتشار الوقاحة ولنجعل من كلماتنا جسور تواصل، تنعش العلاقات الإنسانية وتجعل العالم مكانا أفضل.
[email protected]