قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن قطاع الخدمات الأميركي سجل نموا بوتيرة متسارعة في ديسمبر 2024، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي الصادر عن معهد إدارة التوريدات إلى 54.1 مقابل 52.1 في نوفمبر، متجاوزا توقعات الاقتصاديين التي رجحت تسجيله 53.3.
وفي إشارة إلى تصاعد الضغوط التضخمية، قفز مؤشر الأسعار المدفوعة للمدخلات إلى 64.4 نقطة، وصولا إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ فبراير 2023، وتتسق هذه التطورات مع توقعات الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة هذا العام، مع استمرار الإقرار بمرونة الاقتصاد والضغوط التضخمية.
وأشار تقرير «الوطني» إلى أن محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي عقد في ديسمبر الماضي، سلط الضوء على المخاوف المتعلقة بالتضخم وحالة عدم اليقين المحيطة بسياسات التجارة والهجرة المحتملة للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وفي إطار هذا الاجتماع، خفضت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.25% - 4.5%، مع الإشارة إلى تبني وتيرة أبطأ للتخفيضات المستقبلية. وقد أدى هذا التوجه إلى تقليص توقعات خفض سعر الفائدة خلال عام 2025 إلى 2 من أصل 4 تخفيضات محتملة.
وفي ظل وصول معدل التضخم الأساسي إلى 2.4% في نوفمبر، مدفوعا بالإنفاق الاستهلاكي القوي واستقرار سوق العمل، شدد صانعو السياسة على اتباع نهج حذر يعتمد على البيانات، كما توقعوا أن يعود التضخم تدريجيا إلى المستوى المستهدف البالغ 2% بحلول العام 2027، مشيرين إلى استمرار المخاطر على المدى القريب والحاجة إلى مراقبة الأوضاع عن كثب.
الوظائف الشاغرة
وعلى صعيد سوق العمل، قال التقرير إن فرص العمل ارتفعت في نوفمبر 2024 بمقدار 259 ألف وظيفة لتصل إلى 8.1 ملايين فرصة عمل متجاوزة توقعات السوق البالغة 7.7 ملايين ومتخطية الرقم المنقح لشهر أكتوبر البالغ 7.84 ملايين فرصة عمل.
وتركزت المكاسب في قطاعات الخدمات المهنية والتجارية (+273 ألف)، والتمويل والتأمين (+105 آلاف)، وخدمات التعليم الخاص (+38 ألف)، بينما شهد قطاع المعلومات انخفاضا حادا (-89 ألف). أما على المستوى الإقليمي فتصدرت مناطق الجنوب (+194 ألف)، والشمال الشرقي (+49 ألف)، والغرب (+32 ألف) في خلق فرص العمل، في حين سجل الغرب الأوسط تراجعا بسيطا (-16 ألف). في المقابل، استقرت معدلات التوظيف وإنهاء الخدمة عند 5.3 ملايين و5.1 ملايين، على التوالي، بينما انخفض معدل استقالة الموظفين بمقدار 218 ألف ليصل إلى 3.1 ملايين، وبلغت معدلات تسريح الموظفين 1.8 مليون.
التضخم في منطقة اليورو
وفي منطقة اليورة، ذكر «الوطني» أن معدل التضخم ارتفع في ديسمبر 2024 إلى 2.4%، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ يوليو، متجاوزا معدل 2.2% المسجل في نوفمبر، ويعزى هذا الارتفاع بصفة رئيسية إلى تزايد تكاليف الخدمات بنسبة 4%.
بينما سجلت أسعار الطاقة ارتفاعا هامشيا بنسبة 0.1%، في حين ظل معدل تضخم أسعار المواد الغذائية والكحول والتبغ مستقرا عند 2.7%. أما على مستوى الدول الأعضاء، سجلت كرواتيا وبلجيكا وإستونيا أعلى معدلات التضخم، بينما سجلت أيرلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ أدنى المستويات، وفي ألمانيا، بلغ التضخم 2.8%، متجاوزا التقديرات الوطنية البالغة 2.6%.
واتخذ البنك المركزي الأوروبي سلسلة من الخطوات لتحفيز النمو الاقتصادي لمواجهة هذه الضغوط التضخمية، وقام بخفض أسعار الفائدة على الودائع الرئيسية بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3%، في ثالث خفض على التوالي. وجاء هذا القرار نتيجة خفض توقعات النمو وتباطؤ معدلات التضخم، إلى جانب التحديات السياسية المستمرة في منطقة اليورو.
وعدل البنك المركزي توقعاته لمعدل التضخم إلى 2.4% للعام 2024 و2.1% للعام 2025، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية لكل عام، إلا أن التوقعات تشير إلى أن التعافي الاقتصادي في منطقة اليورو سيكون أبطأ مما كان متوقعا في السابق، إذ تم خفض توقعات النمو للسنوات 2024 و2025 و2026 إلى 0.7% و1.1% و1.4%، على التوالي. وتعكس هذه المؤشرات استمرار الضغوط التضخمية، الأمر الذي يضع البنك المركزي الأوروبي أمام تحديات تحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد وكبح جماح التضخم.
التضخم في الصين
وفي الصين، قال تقرير بنك الكويت الوطني، إن وتيرة تضخم أسعار المستهلكين تباطأت ليقترب من الصفر للشهر الرابع على التوالي، ما يعكس ضعف الطلب المحلي رغم جهود التحفيز الحكومية. وسجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعا بنسبة 0.1% على أساس سنوي في ديسمبر، منخفضا من نسبة 0.2% المسجلة الشهر السابق، وبما يتسق مع توقعات المحللين.
وفي المقابل، استمر انكماش قطاع المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي، إذ تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.3%، بوتيرة انكماش أبطأ مقارنة بشهر نوفمبر.
وعلى النقيض من الاقتصادات الكبرى التي تواجه ارتفاع معدلات التضخم، تواجه الصين ضغوطا انكماشية تثير مخاوف بكين بشأن إمكانية الدخول في دورة انخفاض الأسعار. وقد تسهم مثل هذه الدورة في التأثير سلبا على إنفاق الأسر، وتقلص إيرادات الشركات، وتحد من الاستثمارات، ما قد يؤدي بدوره إلى خفض الرواتب وزيادة فقدان الوظائف.