«يا بن الحلال (طبعا هذي من عندي اضافة)، والله ما اعرفك ولا اعرف اسمك ولا اتذكر انك كنت معنا في الثانوية قبل 15 سنة. ولولا الملصق الموجود على صدرك ما عرفت اسمك».
هذا الحوار من مشهد في فيلم أميركي يتكلم عن اعادة اجتماع Reunion لخريجي احدى المدارس الثانوية الأميركية بعد 15 سنة من تخرجهم، وهي عادة يقوم بها الكثير من الاميركان من باب التعارف واستعادة الذكريات مع زملاء الدراسة.
سبب هذا الحوار القاسي ان بطل الفيلم لاحظ أحد الحضور يرمقه بنظرات قاسية ولا يتوقف عن التحديق في اتجاهه. اقترب من هذا الشخص وقدم له التحية وعرف عن نفسه وقال له: لدي فضول عن سبب تحديقك فيني طوال الحفلة، رد عليه: معقولة لا تذكرني؟
فأجاب بطل الفيلم: لا، فقال ذلك الشخص الغاضب: أنا الذي كنت على خلاف مرير معك طوال سنوات الثانوية وما زلت أضمر لك الكره والاحتقار طوال الـ 15 سنة الماضية.
كيف لا تتذكرني وانت كنت في اغلب تفكيري تلك الفترة وحتى بعد سنوات طويلة.
اتضــح ان صاحبنا هذا شغل نفسه ونصــف عمره في علاقة كراهية من طرف واحد مع شخص (لم يدر عنه ولا يتذكره).
كم أحس بالسخف والحرج خاصة عندما قال له البطل There is no us it’s only in your head، وترجمة هذه الجملة بتصرف هي السطر الأول في هذه المقالة.
العبرة أنه بيننا مَن «سيفه لا يدخل غمده» أبدا، شغل نفسه وعمره وصحته البدنية والنفسية في معارك (غالبا وهمية) لا تنتهي، فهو في خلاف دائم مع زملائه في العمل وهو كذلك لا يكلم نصف اقربائه، وأغلب أصدقائه ملوا من استنفاره الدائم وجاهزيته للدخول في معركة بأي لحظة.
أخبرني صديق أميركي مسنّ بحكمة لا زلت أتذكرها منذ عشرات السنين «تأكد انك جزء بسيط وضئيل جدا في الناس العابرين في حياتك، وكل إنسان داخله قرية كبيرة مليئة بالأمور والأماكن الكثيرة ما ان يفارق وجهك حتى ينشغل بها وينساك».
نقطة أخيرة: الحياة قصيرة والانسان مخلــوق ضعــيف مخلوق من لحم ودم، فــلا تحملوا أنفسكم اكثر من طاقتها وتنهكوها بالعراكات والخلافات المستمرة، باختصار «ارمي سيفك وشوف حياتك».
ghunaimalzu3by@