انطلاقا من رؤية الكويت لتحسين بيئة الأعمال ومواكبة المستجدات وإصلاح النظام الضريبي وتلبية للمعايير العالمية والحد من الاعتماد على عائدات النفط، تعكف وزارة المالية على تسريع وتيرة تطوير الإدارة الضريبية في البلاد. وظهر هذا جليا بعد موافقة مجلس الوزراء أخيرا على مشروع مرسوم بقانون بإصدار قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات والذي يفرض ضريبة بمعدل 15% على الكيانات التي تزاول العمل في أكثر من دولة أو ولاية قضائية.
ويهدف القانون إلى الحد من التهرب الضريبي ومنع تسرب الإيرادات الضريبية إلى دول أخرى، حيث بدأ تطبيق هذا القانون مطلع شهر يناير 2025 على الكيانات المتعددة الجنسيات وتعمل في الكويت والتي تتجاوز إيراداتها العالمية السنوية 750 مليون يورو (نحو 250 مليون دينار). وانضمت الكويت في عام 2023 إلى الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كما صادقت على الإصلاح ذي الركيزتين الخاص بها، وحتى الآن وقعت أكثر من 137 دولة بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي على هذا الإصلاح الضريبي الدولي.
ووفقا لوزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام، تتوقع الكويت تحصيل إيرادات تقدر بنحو 250 مليون دينار (نحو 800 مليون دولار) سنويا نتيجة التطبيق، إذ تخضع لضريبة الشركات متعددة الجنسيات نحو 300 مجموعة منها 45 مجموعة كويتية وخليجية و255 مجموعة أجنبية تعمل داخل الدولة.
وقالت الفصام، في تصريح سابق، إن الاصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها البلاد ضمن رؤية «كويت جديدة 2035» مدعومة بتشريعات حكومية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل غير النفطية ومن ضمنها ضريبة الشركات متعددة الجنسيات.
وأكدت أن الإصلاحات تضم إيرادات مستدامة غير نفطية لتحقيق التوازن المالي عبر خطة عمل حكومية لبناء اقتصاد متنوع ورفع جودة التشريعات وجذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل للشباب. وذكرت أن فرض ضريبة الشركات متعددة الجنسيات خطوة أولى للإصلاحات تماشيا مع «التزامنا الدولي ولضمان وجود عدالة ضريبية ومنع التهرب الضريبي حول العالم»، وبينت أن تعظيم كفاءة الإدارة الحكومية يساعد الدولة في الحفاظ على إيرادات مرنة في ظل تذبذب أسعار النفط وتشجيع القطاع الخاص.
وفي هذا السياق، أكد خبراء مختصون على أهمية الخطوة التي ستنعكس على التحصيل المالي للدولة جراء القضاء على التهرب الضريبي إلى دول أخرى، معتبرين أنها ستصب في مصلحة الخزانة العامة للكويت، حيث ذكروا ـ في لقاءات متفرقة مع «كونا» ـ أن الخطوة ستعمل على تحسين مناخ العمل للشركات الكويتية متعددة الجنسيات وغيرها العاملة داخل الدولة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي محمد رمضان إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعمل على تقليل الفجوة على الشركات متعددة الجنسيات لتضغط على الدول بفرض ضريبة لا تقل عن 15% على هذه الشركات وإلا فستفرضها الدول الأم لهذه الشركات للقضاء على فجوة تهرب منها الأموال.