«والكويت اشفيها».. بهذه العبارة السلبية يواجهك البعض عند طرح أي موضوع يناقش السياحة في الكويت.. والمعنى أنه ليس هناك أي شيء يشجع على السياحة في الكويت، ولو رجعنا أياما قليلة إلى الوراء وعشنا تجربة المشجعين الخليجيين الذين شاركونا مباريات كأس الخليج في الكويت وتابعنا آراءهم عن الكويت لوجدنا اعتزازهم بها ومدح كرم أهلها وإعجابهم بكل ما هو جميل في الكويت، فقد أصبحت منطقة المباركية محط إعجاب وتجمع لإخواننا الخليجيين، والكثير من المشجعين يصورون جماليتها ويعبرون عن حلاوة مطاعمها وإعجابهم بأصالتها. وفي الأفنيوز كأنك في كرنفال خليجي تستطيع أن تميز كل دولة خليجية بأزياء ولهجة أبنائها ويستوقفك إعجابهم بهذا المعلم التجاري كما قال أحد المشجعين العراقيين (تتعب وانت تمشي بيه.. كل شيء يخطر ببالك موجود)، وقس على ذلك جميع الأماكن التجارية والمطاعم المميزة، ناهيك عن حرصهم على شراء المنتجات الكويتية المحببة من إخواننا الخليجيين من درابيل ورهش وحلو وغيره.
استوقفني انبهار وإعجاب إخواننا الخليجيين بما يرونه، ودار في ذهني سؤال: هل فعلا ما يذكرونه حقيقة أم مجاملات؟ ولماذا لا نرى ما يرونه من جمال هل لأننا نعيش داخل الصورة فنعيش التفاصيل بشكل روتيني، والزائر يرى من خارج الإطار ويرى الصور كاملة ولا يدقق في عيوبها؟
وعندما لبست النظارة التي رأى بها أهل الخليج الكويت وعددت الأماكن السياحية والترفيهية أدركت أننا بلد جميل ومميز ومليء بالأماكن الرائعة التي لا تجد لها مثيلا في بقيه دول الخليج.
هذا الأمر يقودنا للنظر إلى السياحة في الكويت بجدية والعمل على تطويرها وجعلها أحد الاستثمارات الاقتصادية. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد زرت مدينة الرياض منذ أيام وعشت تجربة سياحية مبهرة، فالكل يعرف أن الرياض في المملكة العربية السعودية منطقة بقلب الصحراء ومناخها صحراوي بجميع المقاييس، لكن مع هذا شهدت تطورا سياحيا كبيرا، تطورا في الاهتمام بالتراث ومثله تحويل منطقة الدرعية التاريخية إلى مزار مميز يجمع بين أصالة الماضي وجماليات العمران، كما أن المراكز التجارية تطورت، فقد تم بناء عشرات المجمعات والمولات التجارية، أما التطوير في الجانب الترفيهي فيشهد قفزة في الرياض، فقد تم بناء مشروع البوليفار، وهو من أكبر المشاريع السياحية في المنطقة، مشروع شبيه بميدان التايمز في نيويورك جمع كل أنواع الترفيه من سينما وألعاب ومسارح ومطاعم وكوفيات ومتاحف، فضلا عن مشروع المترو الذي ربط أطراف الرياض ببعضها وخفف من الازدحام المروري.. هل معنى هذا أنه لا توجد مشاكل تنموية وغيرها في الرياض بل موجودة، لكن جماليات التطور السريع أنست الناس هذه المشاكل.
وبنــظرة سريعة ندرك أن المعطيات السياحية الموجودة في الكويت كثيرة جدا ولا تقل عن أي مدينة خليجية لجعلها بلدا سياحيا من الطراز الممتاز، فالجزر البكر والمحميات الطبيعية وحركة الاقتصاد الجيد والتطور الفكري والثقافي والذائقة الكويتية المميزة فكثير من الكوفيات والمطاعم الكويتية تعتبر براندات عالمية والعمق الثقافي والفكري للكويت تساعد في إيجاد مشاريع متنوعة من نوعية المشاريع الثقافية والتاريخية، كما أن البيئة الكويتية التي تجمع بين البادية والبحر والطبيعة الجغرافية تساعد في إيجاد سياحة مميزة كمثال الرياضات البحرية والمنتجات السياحية والمتاحف واستثمار المواقع التاريخية في جزيرة فيلكا وغيرها.
اليوم، السياحة هي صناعة واستثمار للدولة واقتصاد قائم بذاته.. وإذا استثمر بشكل صحيح فسوف نرى الكويت وقد أصبحت قبلة للسياحة الخليجية والعربية، وسيعود دورها لتكون درة الخليج من جديد.. وكما أن بعض العواصم الخليجية أصبحت أماكن مفضلة للكويتيين سوف تصبح الكويت خيارا سياحيا لإخواننا الخليجيين.