للمال بريق ولمعان، وسحر وفتنة، وقدرته على خطف القلوب لا تخفى على أحد، وطبيعة النفس البشرية مركبة على الشغف بالمال واستهوائه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم أفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».
وقد وصل هذا الافتتان بالبعض الى أن يكون عبدا للمال:
«تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض»، وليست هذه بعبودية الركوع والسجود، ولكن عبودية القلب!
إذن فهذا الموقف من المال هو المتوقع من ابن آدم، ألا يدع فرصة يستكثر فيها من المال إلا وانتهزها، ولا يملأ جوفه إلا التراب، وعلى سياق الموضوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم الحرام».
فطلب الحلال واجب على كل مسلم، وقد جاء الشرع الحنيف بالحث على السعي في تحصيل المال واكتسابه على أنه وسيلة لغايات محمودة ومقاصد مشروعة، بشرط عدم تجاوزها ولا تعدي حدودها، كي تتحقق منه المصالح للفرد والجماعة.
لقد نهى الإسلام عن الكسب الحرام، لأنه شؤم وبلاء على صاحبه، فبسببه يقسو القلب، وينطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار، ويمنع إجابة الدعاء، بل إن وبال الكسب الحرام يكون على الأمة كلها والمجتمع أيضا، فبسببه تفشو مساوئ الأخلاق، من سرقة وغصب، ورشوة وربا، وفساد وغش واحتكار، وتطفيف للكيل والميزان.
كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم أيضا بأنه سيأتي على الناس زمان يتهاونون فيه حتى في قضية الكسب فلا يدققون ولا يحققون مكاسبهم.
بل إن بعض الناس لطمعه وجشعه يفتري على ربه فيجعل الحرام حلالا والحلال حراما.
وللكسب الحرام أسباب وأضرار عدة ومن تلك الأسباب هي عدم الخوف والحياء من الله، الحرص على المكسب السريع، الطمع وعدم القناعة، دناءة النفس، الجهل بخطوة الكسب الحرام والذي يستحيل ان يدوم، فإن ما جمع من حرام سوف يذهب مع الرياح.
أما أضراره فظلمة القلب وكسل الجوارح عن الطاعة، ونزع البركة من الرزق والعمر، غضب الجبار ودخول النار، وعدم قبول الدعاء، وعدم قبول العمل الصالح.
فليعلم العاقل أن الدنيا زائلة، وأنه موقوف ومسؤول بين يدي الله تعالى عن كل ما اكتسبه وكل ما أنفقه، فيجب عليه ألا يبيع دينه من أجل نعيم زائل يزول مع أول صبغة في النار، أعاذنا الله منها.