حذر المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم الخميس من أن تزايد الانقسامات الجيواقتصادية الناتجة عن السياسات الحكومية من شأنه أن يكلف الاقتصاد العالمي ما بين 5.7 تريليونات و6 تريليونات دولار أي ما يعادل نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وما يفوق حجم الأضرار التي سببتها الأزمة المالية لعام 2008 أو جائحة (كوفيد-19).
وقال تقرير صادر عن المنتدى المنعقد في مدينة (دافوس) السويسرية بعنوان (نظرة عن تجزؤ النظام المالي العالمي) إن خطر هذه الانقسامات من شأنه أن يزيد من التضخم العالمي بأكثر من 5% بسبب تقليص التجارة وتدفقات رأس المال عبر الحدود بالإضافة إلى فقدان الكفاءة الاقتصادية.
وأفاد التقرير بأن استخدام الدول المتزايد للنظام المالي لتحقيق أهدافها الجيوسياسية يتجلى من خلال زيادة حجم العقوبات بنسبة 370% منذ عام 2017 إضافة إلى تدفق الإعانات والسياسات الصناعية والنقاشات حول إنشاء مؤسسات مالية موازية.
ودعا التقرير صانعي السياسات إلى اعتماد إدارة اقتصادية مبنية على مزيد من التعاون الدولي والتنمية المستدامة وتعزيز مرونة الاقتصاد العالمي.
وقال رئيس مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للأنظمة المالية والنقدية ماثيو بليك في التقرير إن التكاليف المحتملة على الاقتصاد العالمي كبيرة موضحا أنه يتعين على صانعي السياسات تطوير سياسات مناسبة لاقتصاداتهم ومجتمعاتهم تقلل الآثار غير المباشرة على مجالات مثل تكاليف المعيشة ونمو الناتج المحلي الإجمالي من أجل حماية النظام المالي.
ويظهر التقرير سيناريوهات محتملة لنماذج من العلاقات التجارية موضحا أن في حالة سيناريو الفصل الكامل بين الكتل الشرقية (مثل الصين وروسيا) والغربية (مثل الولايات المتحدة وحلفائها) من المقدر أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 10 أضعاف وأن يرتفع التضخم العالمي بنحو 9 أضعاف مقارنة بسيناريو آخر أقل تجزئة حيث يتم تقييد تدفقات رأس المال والتجارة في المجالات الحساسة المتعلقة بالأمن الوطني والتنافسية فقط.
وأضاف أن السيناريو الأكثر تطرفا للفصل الاقتصادي الكامل بين الكتل الشرقية والغربية من شأنه أن يؤدي إلى إجبار دول عدم الانحياز على التجارة حصريا مع شركائها الاقتصاديين الأكثر أهمية فقط وأنه من الممكن أن تشهد هذه الدول انخفاضا في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تزيد عن 10% أي ما يقرب من ضعف المتوسط العالمي.
وأوضح أن دولا مثل الهند والبرازيل وتركيا والاقتصادات الناشئة في أميركا اللاتينية وإفريقيا وجنوب شرق آسيا من شأنها أن تتحمل العبء الأكبر في حالة الذهاب إلى هذا السيناريو.
من جانبه، قال مسؤول الأسواق الخاصة في المنتدى الاقتصادي العالمي مات ستراهان إن حماية نزاهة النظام المالي العالمي ووظائفه أمر من شأنه أن يمكن القادة من تقديم نظام مالي أكثر فعالية لجميع أصحاب المصلحة.
وأفاد التقرير بأن نظام حماية النظام المالي العالمي الذي طوره أكثر من 25 مديرا تنفيذيا في القطاع المالي وأكاديميين وقادة آخرون يرتكز على ثمانية شروط رئيسة للحفاظ على عمليات النظام المالي وثقة الأسواق أبرزها احترام سيادة القانون وحقوق الملكية وقابلية التشغيل البيني الآمن للنظام وتجنب مصادرة الأصول السيادية أحادية الجانب.
بدوره، قال الخبير في مجال مكافحة الجرائم المالية بشركة (أوليفر وايما) الشريكة في إصدار هذا التقرير دانييل تانباوم إن استخدام الدول للتدابير الاقتصادية مثل العقوبات وضوابط الصادرات والتعريفات الجمركية بشكل متزايد كجزء من أدوات سياستها الخارجية يجعل من الضروري وضع إطار حكم لتجنب الصدمات غير المباشرة على الاقتصاد العالمي.
وأكد المنتدى الاقتصادي العالمي أن هذا التقرير الجديد بمثابة دعوة للقطاع الخاص لاتخاذ إجراءات لضمان استقرار الأسواق وحث الحكومات على الحرص على المحافظة على الازدهار العالمي عند تنفيذ سياساتها الاقتصادية.
وأوضح المنتدى أن التقرير تبنى نهجا لتنفيذ إدارة اقتصادية تحمي الأمن الوطني والسيادة دون تقليل الازدهار العالمي تشمل ثمانية اعتبارات رئيسة لصانعي السياسات أهمها تصميم عقوبات أكثر فعالية وتعزيز مجالات المنفعة المتبادلة وتقليل التكاليف غير المقصودة وتحديث النظام المالي ليعكس الديناميكيات الجيوسياسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين.