هذا شطر بيت للشاعر المخضرم والصحابي لبيد بن ربيعة العامري، عد من حكم العرب والبيت كاملا:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل
وهـذا قريب من قـول المولـى عز وجل: (ذلك بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير) (الحج: 62) وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا البيت فقال: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل»، وقد كان من أشهر الأدعية النبوية التي تقال في صلاة الليل (اللهم أنت الحق، ووعدك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق) (رواه البخاري ومسلم).
فالله سبحانه وتعالى هو الحق المبين ولا يسع أحد إنكار ذلك، فكل شيء في هذا الكون الفسيح يدل دلالة واضحة على وجوده، وكل المعبودات من دون الحي القيوم باطلة، فالله جل في علاه الدائم الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت، فهو الأول والآخر قبل كل شيء وبعد كل شيء، وكل عمل لا يراد به وجه الله تعالى باطل لا شك في ذلك.
أما لبيد بن ربيعة بن مالك العامري فقد عاش دهرا وعُد من المعمرين، وهو من الشعراء الفرسان الأشراف السادة في الجاهلية، ثم أنعم الله عليه بالإسلام، فكان من خيار المسلمين، وكان عمر بن الخطاب في خلافته يستنشد الشعراء فكتب إلى لبيد في الكوفة أرسل لي من شعرك، فكتب لبيد سورة البقرة وأرسلها له، وقال: ما كنت لأقول الشعر بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران، فزاد من العطاء خمسمائة درهم، ذكر أنه لم يقل شعرا بعد إسلامه سوى هذا البيت:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي
حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
أدرك لبيـد خلافـة معاويـة بن أبي سفيان ودخل عليه فقال له: هذان الفودان (الألفان) فما بال العلاوة؟ (الخمسمائة التي زادها له عمر) فقال لبيد: أموت عن قريب، فرق له معاوية، عاش لبيد مائة وأربعين سنة وقيل غير ذلك سنة إحدى وأربعين للهجرة، ودمتم سالمين.