قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن ثقة المستهلك الأميركي تراجعت للشهر الثاني على التوالي في يناير الماضي، إذ انخفض مؤشر «كونفرنس بورد» إلى 104.1 مقابل 109.5 في ديسمبر، وجاءت قراءة المؤشر أقل من توقعات الاقتصاديين التي رجحت تسجيله 105.8.
كما شهد مؤشر التوقعات قصيرة الأجل، الذي يقيس النظرة المستقبلية للدخل والأعمال وسوق العمل إلى 83.9، مقتربا من حاجز 80.0، الذي يعد مؤشرا محتملا على التباطؤ الاقتصادي. وعلى الرغم من هذا التراجع، إلا أن نسبة الأميركيين الذين يتوقعون ركودا اقتصاديا خلال العام المقبل ما تزال عند مستويات منخفضة، في ظل استمرار مرونة الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل دعامة رئيسية لنمو الاقتصاد الأميركي.
وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة في ديسمبر الماضي عن تسجيل نمو سنوي قوي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1% خلال الربع الثالث من العام، مدفوعا بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وزيادة الصادرات. ويواصل الاستهلاك، الذي يشكل نحو ثلثي النشاط الاقتصادي، دعم الاقتصاد الأميركي، إذ حافظ نمو الناتج المحلي الإجمالي على وتيرة تفوق 2% في ثمانية من الأرباع التسعة الماضية.
وعلى صعيد آخر، ذكر تقرير «الوطني» أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، متجاهلا ضغوط الرئيس دونالد ترامب لخفضها. وظل سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية ضمن النطاق المستهدف بين 4.25% و4.5%، مع تأكيد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن البنك المركزي ليس في عجلة من أمره لتعديل السياسة النقدية، في ظل استمرار المخاوف المتعلقة بالتضخم.
وأشار الفيدرالي في بيانه إلى أن التضخم، رغم تراجعه من ذروته البالغة 9.1% في يونيو 2022، إلا أنه ما يزال «مرتفعا إلى حد ما» عند 2.9%، متجاوزا المستوى المستهدف البالغ 2%. ويأتي هذا القرار عقب 3 تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة في أواخر العام 2024، بمعدل إجمالي بلغ نقطة مئوية كاملة، في وقت يستمر فيه الاقتصاد الأميركي في إظهار قوة ملحوظة، مسجلا نموا سنويا بنسبة 3.1% خلال الربع الثالث من العام الماضي.
وفيما يخص طلبات الحصول على إعانات البطالة، قال التقرير إن عدد المواطنين الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة انخفض الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استمرار استقرار سوق العمل على الرغم من تزايد صعوبة العثور على وظائف.
وانخفضت المطالبات الأولية بمقدار 16 ألف طلب لتصل إلى 207 آلاف طلب، كما في الأسبوع المنتهي في 25 يناير، أي أقل من توقعات الاقتصاديين التي أشارت إلى وصول عدد المطالبات إلى 220 ألف طلب. وعلى الرغم من أن تسريح الموظفين ما يزال عند مستويات منخفضة، إلا أن معدلات الثقة في سوق العمل بدأت تتراجع.
وأظهر استطلاع حديث ان عددا متزايدا من الأميركيين يرون أن العثور على وظيفة أصبح أكثر صعوبة، بينما تقلصت نسبة من يعتقدون أن فرص العمل متاحة بسهولة. ويعزى ذلك إلى تباطؤ عمليات التوظيف نتيجة استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات الرئيس السابق دونالد ترامب الاقتصادية، والتي تشمل التخفيضات الضريبية، والتعريفات الجمركية، وإجراءات الترحيل الجماعي. ويخشى بعض المحللين أن تؤدي هذه السياسات إلى زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصاد.
وفي هذا السياق، أبقى مجلس الفيدرالي على أسعار الفائدة ضمن نطاق 4.25% - 4.50%، بعد سلسلة من التخفيضات خلال الأشهر الماضية، لكنه لم يعد يشير إلى تحسن التضخم. وعلى الرغم من انخفاض عدد الأميركيين الذين ما يزالون يحصلون على إعانات البطالة بمقدار 42 ألف شخص ليصل الإجمالي إلى 1.858 مليون شخص، بما يعكس تقلص فرص العمل. وتجدر الإشارة إلى أن معدل البطالة استقر عند 4.1% في ديسمبر.
البنك المركزي
وفي أوروبا، ذكر تقرير بنك الكويت الوطني، أن البنك المركزي الأوروبي أعلن عن خفض الفائدة لسعر تسهيلات الإيداع يوم الخميس، إذ تم تخفيضها إلى 2.75%، ولفت إلى إمكانية إجراء المزيد من التخفيضات في المستقبل، مشددا على أن الأولوية ستكون للنمو الاقتصادي على حساب المخاوف المتعلقة بالتضخم المستمر.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أوضحت أن قرارات البنك تتخذ بناء على البيانات الاقتصادية المتاحة، وأكدت أن البنك لا يتبع مسارا محددا مسبقا، مما يعكس مرونة في التعامل مع التحديات الاقتصادية المتغيرة.
وأضافت لاغارد أنه لا يمكنها تحديد ما إذا كانت أسعار الفائدة ستنخفض إلى ما دون «المعدل المحايد» في إطار جهود تحفيز الاقتصاد، وذلك نظرا لإن الإجراءات المستقبلية ستعتمد على التحليلات والبيانات الجديدة.
واستبعدت لاغارد المخاوف المتعلقة بالركود التضخمي، موضحة أنه على الرغم من توقف النمو في الربع الأخير من العام، إلا أن الوضع العام للسنة بأكملها يعتبر مختلفا. كما تناولت مسألة التعريفات التجارية، موضحة أن آثارها على التضخم معقدة، ولكن من المحتمل أن يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي بصفة عامة. وفي ختام حديثها، أعربت لاغارد عن تفاؤلها بشأن الارتفاع المتوقع للإنفاق الاستهلاكي، مشيرة إلى مساهمته في دفع الاقتصاد الأوروبي نحو الانتعاش.