من أكثر الأمور التي كانت تستفزني، ولا يسعني نسيانها، من بعض الأميركيين العرب الذين ساندوا ترامب في الانتخابات الأخيرة، تبريرهم لذلك بأنه سيوقف الحرب في غزة! وكنت أجيبهم بأنه سيفعل، لكن من غير الحكمة توقع أن يكون ذلك لصالح الفلسطينيين والعرب.
من المعتاد، في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وجود ولايات متأرجحة، وهي تلك التي يتمتع فيها كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري بمستويات متقاربة من الدعم بين الناخبين، وفي انتخابات 2024، كانت هناك 7 ولايات متأرجحة هي: أريزونا، وجورجيا، وميشيغان، ونيفادا، وكارولينا الشمالية، وويسكنسن، وبنسلفانيا.
عند التصويت، اختار بعض الأميركيين العرب دعم ترامب بسبب استيائهم من إدارة بايدن ودعمها اللامحدود لإسرائيل في عدوانها على غزة منذ 7 أكتوبر، في مقابل تعهد ترامب بوقف الحرب، هذا التحول في دعم الناخبين الأميركيين العرب لعب دورا بارزا في حسم النتائج لصالح ترامب في ثلاث من الولايات المتأرجحة! ففي ويسكنسن، أسهم تصويت العرب في حصول ترامب على 51.2% من الأصوات، مقابل 47.3% لكاملا هاريس، و1.5% لجيل شتاين. وفي بنسلفانيا، ضيق تصويت العرب الأميركيين الفجوة بين المرشحين لصالح ترامب، الذي حصل على 49.8%، مقابل 48.7% لكاملا هاريس، و1.5% لجيل شتاين. أما الصدمة الأكبر فكانت في ولاية ميشيغان، والتي تعد موطنا لأكبر جالية عربية أميركية في الولايات المتحدة، خاصة في مدن مثل ديربورن وهامترامك، حيث حصل ترامب على 42% من الأصوات، مقابل 36% لكامالا هاريس، و18% لجيل شتاين، في تحول صادم إلى حد بعيد مقارنة بنتائج الانتخابات الرئاسية 2020، حين حصل بايدن على 69% من الأصوات مقابل 30% لترامب!
كسب ترامب بفوزه في هذه الولايات 44 صوتا في المجمع الانتخابي، مما جعله قادرا بسهولة على تخطي العتبة اللازمة للفوز 270 صوتا!
لكن لم يقدر لفرحة الأميركيين العرب الذين صوتوا لترامب أن تعيش طويلا- كما كنت أتوقع وأقول لهم-، فسرعان ما صرح بأفكاره حول تهجير سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، وان تتولى الولايات المتحدة إدارة القطاع وتطويره! مما أثار سخط بعض الأميركيين العرب ودفعهم إلى الندم!
نجح ترامب في توظيف غزة للحصول على أصوات العرب، رغم أن تصريحاته الأخيرة لا تبدو مفاجئة لأي متمعن في مواقفه خلال إدارته الأولى، حيث فعل ما يشاء دون أي اعتبار لأي كان، فنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وأقر إسرائيل على احتلالها للجولان، فلا غرابة الآن في أن نراه يتلاعب بمصير غزة وأهلها، ويتعامل بعنجهية مع الأردن ومصر زاعما أنهما سيستجيبان لمطالبه!
[email protected]