مفرح الشمري
لا يخلو أي عمل فني سواء كان اذاعيا او تلفزيونيا او مسرحيا او حتى سينمائيا من وجود رسالة له في نهايته يتلقفها المتلقي بعد متابعته لذلك العمل سواء كانت هذه الرسالة مباشرة او غير مباشرة، فهمها المتلقي ام لم يفهمها، هذه ليست قضيتنا، المهم ان يحمل هذا العمل رسالة بعد الجهد المبذول من فريق عمله!
وعندما يقرر أي مخرج تقديم نص درامي او مسرحي فعليه ان يتمعن بقراءته بعمق حتى يقرر ماذا يقدم من خلاله من افكار ورؤى مختلفة فيما قدمت عن هذا النص، حتى يكون تناوله لهذا النص من اجل تسليط الضوء على قضايا في مخيلته حسب البيئة التي يعيشها، وهذا حق مطلق لأي مخرج يريد ان يقدم المتعة والفرجة الفنية التي تحمل الفائدة لمن يرغبون في مشاهدة عمله، لأن اي عمل فني ليس فقط «شو» و«استعراض» وانما جميل ان يحمل هذا «الشو» وهذا «الاستعراض» وهذه «الفرجة» رسالة معينة.
أمس الاول، عرضت شركة كاتويل للانتاج الفني عرضا مسرحيا بعنوان «الطنبورة» على خشبة مسرح الدسمة وذلك ضمن عروض مهرجان ايام المسرح للشباب بدورته الـ15، العرض من تأليف ابراهيم عبدالرحيم ومن اخراج شملان النصار ومن تمثيل أحمد بن حسين ومشعل الشايع ومهدي برويز وامنة العبدالله واحلام التميمي ورياض السليمي، والفريق الفني للعرض يتكون من مساعد المخرج خالد خليفة وتصميم الازياء لحصة العباد والاضاءة تصدى لها ناصر السلمان والمكياج عبدالعزيز الجريب والمؤثرات الصوتية لخالد الدرعي والديكور لابراهيم التميمي والاشراف الفني د.فهد المذن.
النص المسرحي كتبه ابراهيم عبدالرحيم وقدمه كمخرج في مهرجان الشباب الرابع بقطر عام 2013 من انتاج «نادي السد الرياضي» وحصد العديد من الجوائز في هذا المهرجان منها جائزة افضل عرض متكامل وافضل نص وافضل سينوغرافيا وغيرها من الجوائز التقديرية من لجنة تحكيم ذلك المهرجان لهذا العرض المستوحى من التراث الخليجي من خلال حكاية خليجية تحكي عن آلة الطنبورة التي تسكنها جنية تمارس سحرها وسيطرتها على البشر من خلال هذه الآلة، وحمل بين طياته رسالة توعوية مفادها ان العلاج لن يكون من خلال الخرافات والخزعبلات والموروثات الخاطئة بعلاج سالم من مس الجنية وانما علاجه من خلال القرآن الكريم والرقية الشرعية.
وبعد مرور السنين، قرر المخرج الواعد شملان النصار تقديم هذا النص من خلال مهرجان ايام الشباب بدورته الحالية برؤية اخراجية مغايرة بالاحداث نفسها والتي تدور حول الشخصية الرئيسية في العرض وهي شخصية سالم، وهو المصاب بمس العشق مع الجنية، ويسعى والده واهل الفريج في البحث عن طريقة لعلاجه من هذا المس الجنوني، وبعد عودة «ام راشد» والتي هي بمنزلة «مطوعة» الفريج طلبوا منها علاجه فوافقت على طلبهم ولكن بطريقة مختلفة عما عرض في السابق بمهرجان الشباب الرابع بدولة قطر والذي كان من خلال القرآن الكريم والرقية الشرعية، حيث اكتفت «ام راشد» برش الماء على «سالم» الممسوس وهي تقول «اطلعي منه» لتخرج بعد ذلك العديد من «الجنيات» يسرحن ويمرحن!
الجهد المبذول من فريق عمل المخرج شملان النصار يستحق الاشادة والشكر والثناء سواء موسيقى او استعراض او حتى بعض ممثلي العرض الذين بذلوا جهدا مضاعفا من خلال الشخصيات التي يؤدونها مثل أحمد بن حسين ومشعل الشايع و«الجنية» ميلتي بربرا التي ابهرت الحضور بحركاتها وسرقت انظار الحضور مع انها لم تنطق بأي كلمة على خشبة المسرح ولكن كانت حركاتها ابلغ من الكلام.
السينوغرافيا كانت متجانسة ومتكاملة، من الأزياء التراثية إلى الديكور والمكياج والمؤثرات الصوتية لكن الإضاءة كانت تتأخر بعض الشيء، وهذا الامر تتكرر اكثر من مرة، وهذا الشيء لم ينتقص من اجواء العرض الذي كان يحتاج لمتابعة وتدقيق اكثر من مخرجه على اداء بعض الممثلين، وان تكون له رسالة مباشرة أو غير مباشرة لمن يؤمنون بالخرافات والخزعبلات!