تحمل شظايا غرانيت عثر عليها في أحد النيازك على الاعتقاد بأن قارات بدأت تتشكل على كوكب المريخ قبل 4.4 مليارات سنة، مما يوفر معطيات عن تطوره المبكر وعن تطور كوكب الأرض.
ومع أن المهمات الاستكشافية التي أرسلت إلى الكوكب الأحمر لم تتمكن من إحضار عينات من الصخور المريخية إلى الأرض، فقد وصل بعضها إلينا عن طريق نيازك.
وفي حديث إلى وكالة «فرانس برس»، توضح بريجيت زاندا، المتخصصة في النيازك لدى المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس، أن أصل هذه الصخور التي يبلغ وزنها 400 كيلوغرام وجمعت حول العالم، حدد بفضل «غازات نادرة علقت داخل بعض هذه الصخور المريخية عندما قذفت إلى الفضاء».
وأشارت الباحثة التي شاركت في الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر جيوساينسس»، إلى أن هذه الغازات النادرة تتوافق مع تلك «المقاسة في الغلاف الجوي للمريخ».
وتقول زاندا إن كل النيازك المريخية التي عثر عليها حتى اليوم «قريبة للبازلت». وتنشأ هذه الصخور الكثيفة التي تشكل القشرة المحيطية على الأرض، من تبريد سريع لمحيط الصهارة على سطح الكوكب أثناء تكوينه.
وكان يعتقد منذ زمن طويل أن العملية توقفت عند هذا الحد على المريخ، وأن ليس لدى الكوكب الأحمر ما يعادل القارات الأرضية. فهذه القارات تتكون من صخور غنية بالسيليكا الأقل كثافة من البازلت، و«تطفو» على القشرة المحيطية.
وقد أعيد النظر بهذه الفكرة خلال العقد الفائت عن طريق اكتشاف مركبة «كوريوسيتي» الفضائية صخور على المريخ غنية بالسيليكا أكثر من البازلت، وهو ما تؤكده دراسة «نيتشر جيوساينسس».
وقد تبين أن بعض شظايا الصخور في «بلاك بيوتي» من الغرانيت الذي يحتوي على معدن يتألف من سيليكا نقية هي الكوارتز.
وتقول زاندا «يبدو أن القارات الأولية تشكلت على المريخ، وأن هذا مرتبط بالصدمات التي أدت إلى إذابة سماكة كبيرة من قشرة المريخ، وبالتالي تطورت السوائل التي تشكلت نحو تركيبات أكثر ثراء بالسيليكا».
ويعد هذا الاكتشاف أيضا مؤشرا قويا إلى وجود الماء قديما على سطح المريخ، إذ باتت هذه الظواهر سهلة من خلال امتصاص الماء في الصهارة.
لكن بما أن المريخ أصغر بكثير من الأرض ويخزن حرارة أقل في البداية، فإن «قشرته توقفت عن تجديد نفسها في وقت مبكر جدا»، بحسب الباحثة زاندا.