بيروت - ناجي شربل وأحمد عزالدين
لا يختلف اثنان على ان عمر الحكومة القصير، المرتبط بالانتخابات النيابية المقررة في 2026، لن يتيح لها تحقيق العناوين التي طرحتها في بيانها الوزاري، لجهة الإصلاح والمشاريع البنيوية.
إلا ان الاستحقاقات الأبرز والأهم المدعوة إلى تنفيذها، هي التعيينات الإدارية، وفي طليعتها الأمنية في المناصب الحساسة من قيادة الجيش والمديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة، إلى وظائف الفئة الأولى وغيرها.
ولعل الاستحقاق الداهم هو الانتخابات البلدية والاختيارية المقررة في مايو وقد ترحل إلى يونيو. وتليها الانتخابات النيابية السنة المقبلة.
استحقاقان انتخابيان يقعان على عاتق وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، وبهما تنال الحكومة درجة التقدير من عدمها، وإن كانت مسيرة وزير الداخلية العسكرية تعزز القناعة بنجاحه في إجراء الاستحقاقين بنجاح.
في أي حال، الأنظار في الشارع اللبناني إلى «اليوم التالي» لما بعد الثقة، أي على بدء الوزراء مهامهم الرسمية، ومعاضدة الحكومة لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون في إطلاق ورشة بناء الدولة بعد استعادة الأخيرة، والعمل على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وبدء مسيرة الإصلاح وإعادة الإعمال.
وعلى رغم ان عددا غير قليل من النواب أكدوا في مداخلاتهم ان العناوين التي تناولها البيان الوزاري حول الإصلاح ومكافحة الفساد والهدر والإنماء المتوازن، وردت في بيانات معظم الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العقود الـ 3 الماضية وأن شيئا لم يتحقق منها، غير ان النواب اعتبروا ان الفرصة سانحة اليوم لإحداث ثغرة في جدران المنظومة المتحكمة بالسلطة والقدرة على إحداث الفرق.
وقد نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري في ضبط إيقاع الجلسة لجهة عدد المتكلمين والوقت المحدد لكل خطيب، سواء كان متحدثا باسم كتلة نيابية أو منفردا، لتجنب حصول مطولات تخلق تململا وتؤدي معها المطولات إلى فتح باب السجلات السياسية.
ولم يغب موضوع السلاح وحصره بيد الشرعية عن نقاشات الجلسة، اذ تطرق عدد من الخطباء إلى ضرورة طي صفحه الانقسام حول حصرية السلاح وجعل القرار بيد السلطة الشرعية دون غيرها، مع الإشارة إلى ما خلفته الحرب ليس من دمار وضحايا فقط، بل أيضا إلى إطلاق اليد الإسرائيلية التي تمارس عدوانها كل يوم، وفي كل اتجاه، وآخرها في البقاع، حيث أدت غارة إلى مقتل شخصين وإصابة ثلاثة، فضلا عن تحليق مسيرة إسرائيلية صباح الأربعاء في شكل ظاهر فوق العاصمة بيروت وضواحيها.
وترافق ذلك مع تهديد وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل مستعدة لخوض حرب جديدة ضد لبنان، اذا تعرضت المواقع الخمسة التي لاتزال داخل الأراضي اللبنانية قرب الحدود لأي هجوم.
ويتوقع عقد جلسة قريبة للحكومة بعد الثقة، تضع فيها جدول أولوياتها سواء لجهة التعيينات الأمنية والإدارية التي تستحوذ على اهتمام واسع، خصوصا في المراكز الحساسة التي لا تحتمل التأخير، أو لجهة مشاريع القوانين التي ستعدها وتتقدم بها إلى المجلس النيابي، قبل التحرك الخارجي الأول لرئيسي الجمهورية (إلى المملكة العربية السعودية ومصر)، لتظهر الحكومة انها قد حققت بعض الخطوات الهامة التي توحي بالثقة، وبأنها على الطريق الصحيح نحو تحقيق الوعود التي تعهدت بها.
في المواقف، أعرب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون عن أمله في ان تسفر القمة العربية غير العادية المزمع عقدها في القاهرة الأسبوع المقبل، «عن موقف عربي موحد لمواجهة التحديات الراهنة، لاسيما وان هذه التحديات مترابطة وتستهدف المصالح المشتركة للدول العربية الشقيقة».
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله الأربعاء في قصر بعبدا في حضور وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي على رأس وفد ضم سفير سلطنة عمان الدكتور أحمد بن محمد السعيدي ورئيس الدائرة العربية في الوزارة الشيخ فيصل بن عمر المرهون والمستشارين علي بن سعود الراسبي وموسى بن سعيد الصلتي وسماح بنت سعيد العزرية.
في مستهل اللقاء نقل الوزير العماني إلى الرئيس عون تحيات السلطان هيثم بن طارق، وتمنياته له بالتوفيق لمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية، مؤكدا على العلاقات المتينة التي تجمع بين لبنان وسلطنة عمان، ولافتا إلى ان السلطان يضع لبنان في سلم الأولويات. وقال: «هذه الزيارة للتأكيد على هذا الأمر وللتشديد على وقوف الشعب العماني إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق».
وأعرب عن تفاؤله «بأن مستقبل لبنان بعد انتخاب الرئيس عون سيكون أفضل من السابق»، لافتا إلى رغبة بلاده في تفعيل أعمال اللجنة المشتركة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وتبادل الوفود لاسيما منها الوفود الاقتصادية والثقافية. ونقل الوزير العماني دعوة إلى الرئيس عون لزيارة سلطنة عمان والبحث في سبل تطوير العلاقات الثنائية، وتفعيلها لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين.
ورحب الرئيس عون بالوزير البوسعيدي شاكرا له زيارته، وحمله تحياته إلى سلطان عمان وتمنياته له بالتوفيق الدائم «في قيادة مسيرة السلطنة نحو التقدم والازدهار». وأعرب عن «امتنان لبنان رئيسا وشعبا لوقوف عمان إلى جانب لبنان في كل الظروف، لاسيما لجهة تقديمها المساعدات والأدوية واللوازم الطبية وتنظيم الدورات التدريبية وإعطاء منح جامعية»، متمنيا ان يعود الطيران العماني إلى لبنان في اسرع وقت ممكن.
وشكر الرئيس عون الدعوة التي وجهها السلطان هيثم بن طارق، واعدا بتلبيتها في وقت قريب، ومعتبرا زيارة وزير الخارجية مناسبة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية - العمانية. وتطرق رئيس الجمهورية إلى التطورات في الجنوب وسورية وفلسطين».
وبعد اللقاء، قال البوسعيدي خلال تصريح للإعلاميين: «زرت لبنان الشقيق، وتشرفت بنقل خالص تحيات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق إلى فخامة الرئيس الأخ العزيز في هذا القصر الرئاسي، وأكدت وقوف سلطنة عمان إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الهامة من تاريخه ومستقبله المشرق، متمنيا التقدم والازدهار له ولشعبه الشقيق».
وردا على سؤال، قال: «نحن نتطلع عاليا إلى تفعيل علاقات التعاون والشراكة العمانية - اللبنانية في إطار اللجنة المشتركة القائمة بين البلدين. وقد اتفقنا مع زميلنا الأخ يوسف وزير الخارجية على تفعيل هذا العمل في المرحلة المقبلة. وسنشهد مزيدا من الحراك على كافة المستويات الديبلوماسية والاقتصادية والثقافية وغيرها من مجالات التعاون».
وكان رئيس الجمهورية قال أمام وفد اتحاد «أورا» والجمعيات المنضوية فيه برئاسة الأب طوني خضرا، ان «العمل على تغيير ثقافة الاستسلام لدى الشباب اللبناني، وأبواب المؤسسات العسكرية والإدارات العامة مفتوحة أمامهم».
رئيس الجمهورية قال أيضا أمام وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير المعاون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كزو هاوليانغ: «الإصلاحات تهدف إلى استعادة الثقة بالدولة اللبنانية ومؤسساتها، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي». بدوره أكد المسؤول الأممي للرئيس عون «الجهوزية للعمل مع رئاستي الجمهورية والحكومة على تنفيذ الإصلاحات التي أشار إليها خطاب القسم والبيان الوزاري».
في الميدان الجنوبي، شن الطيران الحربي الإسرائيلي أمس غارة على مرتفعات جبل الريحان في قضاء جزين.