- تحقيق الوعود يحتاج لدعم عربي ودولي استثنائي.. ومصادر: لو تحقق القليل منها فإن البلد إلى انفراج
بيروت ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين وخلدون قواص
بعث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، ببرقية تهنئة، لدولة د.نواف سلام رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية بمناسبة تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسته.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) «عبر سمو ولي العهد عن أصدق التهاني، وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد لدولته، ولشعب الجمهورية اللبنانية الشقيق المزيد من التقدم والرقي».
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون هنأ ايضا رئيس الحكومة وأعضاءها على نيلها ثقة المجلس النيابي، وشكر لهم «قيامهم بهذا الواجب الدستوري».
وقال«أثمن ثقة النواب الذين منحوها، وأقدر موقف الذين لم يمنحوها، اذ ان المعارضة في نظامنا الديموقراطي البرلماني تعد حقا وواجبا وضرورة ومسؤولية».
وأشاد رئيس الجمهورية «بالمواقف الوطنية الجامعة لجهة الانفتاح على مبدأ الحوار كما التسليم بسقف الدولة اللبنانية في القضايا الوطنية الكبرى، والتي ظهرت في سلسلة مواقف بارزة في الأيام الماضية، ما يشكل أساسا يبنى عليه في ورشة الإنقاذ الوطني».
وبعد نيل حكومته ثقة المجلس النيابي، شاء رئيس الحكومة مباشرة مهامه الرسمية الميدانية من الجنوب، اذ يمضي مع فريق وزاري كبير اليوم الجمعة في الجنوب، متنقلا بين عدد من المدن والبلدات والقرى، متفقدا إياها ومطلعا على أحوال المواطنين، لتأكيد حرص الدولة على الجنوب، وتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، واحتضان أبناء الوطن تحت راية السلطة الشرعية التي تشكل الملاذ الآمن.
في الشأن الداخلي، ستبادر الحكومة في جلستها الأسبوع المقبل، إلى البدء بتعيينات أمنية واقتصاددية مالية وإدارية. وفي شأن منصب قائد الجيش، تميل الأمور إلى أحد الضباط المرشحين. ولفت قول الضابط المعني في مجلس خاص ان حظوظ تعيينه قائدا للجيش تتساوى بنسبة خمسين في المائة مع ضابط من دورته يشغل منصبا حساسا في المؤسسة، وفسر معنيون كلام «المرشح الرئيسي للقيادة»، بأنه مقدمة لتثبيت المرشح الآخر في موقعه.
ويقر الجميع بأن التعيينات الأمنية ستحظى بعناية خاصة من رئيس الجمهورية، ابن المؤسسة العسكرية والذي انتقل منها مباشرة في يوم انتخابه في 9 يناير الماضي إلى مبنى المجلس النيابي في ساحة النجمة، ثم توجه إلى القصر الجمهوري في بعبدا واستقر فيه.
وسيحرص رئيس الجمهورية بحسب مراقبين، على اختيار من يراه أهلا لتولي المناصب الأمنية، انطلاقا من خبرته في هذا المجال، ومعرفته الشاملة لكافة الضباط في كافة الأجهزة الأمنية.
كذلك تتجه الأنظار إلى موقع حاكم مصرف لبنان، في وجود نخبة من المرشحين الأكفاء الناجحين في مؤسسات دولية. وليس سرا ان منصبي قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان يحظيان باهتمام أميركي وغربي بالغ، كون الولايات المتحدة تتولى تسليح الجيش اللبناني وتأمين أوسع دعم له، فيما تعنى أيضا بالشأن المالي، لجهة حرصها على مكافحة تبييض الأموال، ومساعدة لبنان على الخروج من «الاقتصاد النقدي»، اثر الانهيارين المالي والمصرفي نهاية 2019.
وقد تحررت حكومة الرئيس سلام من كل القيود متسلحة بثقة كبيرة من المجلس النيابي للبدء بتنفيذ البيان الوزاري، الذي وصف رئيس الحكومة بنوده بأنها التزامات وتعهدات وليست مجرد وعود.
وقالت مصادر نيابية لـ «الأنباء»: «استقطبت الحكومة تأييدا واسعا، كون الجميع يرغب بالخروج من حالة التشرذم والضياع التي تعيشها البلاد منذ أعوام، فيما قدم رئيسها تعهدات وسط شكوك بالقدرة على تنفيذها بسبب عمر الحكومة القصير قبل الانتخابات النيابية بعد نحو سنة وشهرين». الا ان الجميع يثقون بأن الرئيس سلام سيضع الأمور على السكة الصحيحة، لجهة المساهمة مع رئيس الجمهورية في إطلاق عجلة الدولة، وإحياء مؤسساتها، وتكريس أطر جديدة غير مسبوقة في العمل.
وأضافت المصادر «لو تحقق القليل من وعود رئيس الحكومة، فإن البلد إلى انفراج».
وكان سلام أكد ردا على تساؤلات الكثير من النواب ان المساعدات لإعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية على لبنان لن تكون مقبولة اذا اقترنت بشروط، وهذا تعهد بعيد المنال، لكنه يعكس إصرار رئيس الحكومة على تثبيت منطق الدولة من دون شريك لها.
كما التزم بتحسين وضع الكهرباء، اذ يعاني لبنان تقنينا قاسيا منذ أعوام طويلة، وتشكل مؤسسة كهرباء لبنان أحد أكبر الأعباء على الخزينة، وتعهد بتشغيل مطار القليعات في شمال لبنان، الذي أصبح مطلبا لفئات كبيرة نتيجة التظاهرات المتكررة قرب المطار في بيروت، وكان أيضا شرطا لمنح نواب الشمال الثقة للحكومة. كما تعهد بمعالجة قضية أموال المودعين العالقة في المصارف.
واعتبرت المصادر ان الوعود التي اطلقها رئيس الحكومة من على منبر المجلس النيابي، قد لا يستطيع تحقيقها ما لم تقترن بدعم عربي ودولي استثنائي. ورأت ان هذا الدعم الكبير لن يكون بلا ثمن إيجابي للبنان، وفي مقدمته بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد القوى الشرعية الرسمية.
وأضافت «ستكون الحكومة تحت المجهر الدولي ومراقبة المجلس النيابي الذي أكد متابعة ما ستقوم به، في ضوء إبعاد النواب عن التوزير، ما يجعلهم يهتمون بالمراقبة والمحاسبة».
كذلك تفتح الثقة الكبيرة بالحكومة الباب أمام عودة لبنان إلى حضور قوي عربيا ودوليا.
وستشكل القمة العربية الطارئة الثلاثاء المقبل في القاهرة، مناسبة لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون للتأكيد على دور لبنان القوي والفاعل في القضايا العربية، وضمانة لتقديم الدعم العربي والدولي للبنان على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية، خصوصا ان هذا التحرك سيبدأ من المملكة العربية السعودية، ما يساعد في المسعى اللبناني لإعادة الإعمار في ظل الدمار الهائل.
وعلمت «الأنباء» ان فريق عمل من رئاسة الجمهورية توجه إلى المملكة لتحضير ترتيبات خاصة بزيارة رئيس الجمهورية.
ومعلوم ان لبنان لن يستطيع إعادة المدنيين إلى قراهم من دون تلقيه مساعدات كبيرة.
الا ان العقبة الأبرز التي ستعترض طريق الحكومة، هي استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وستضعها في مواجهة مع العديد من القوى السياسية، وسط استياء عبر عنه العديد من النواب خلال مناقشة البيان الوزاري، لجهة ان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار جاء من جانب واحد واقتصر على لبنان. فيما أطلقت يد إسرائيل لممارسة اعتداءاتها، الامر الذي يدفع بالحكومة إلى تكثيف الاتصالات مع اللجنة الخماسية الدولية لممارسة الضغوط على إسرائيل.