بقلم: محمد المشعان
ما حصل في أم العرب وسندها مصر الشقيقة هو انقلاب عسكري قام به وزير الدفاع على شرعية دستورية مزدوجة، فالرئيس المخلوع د.محمد مرسي فاز باستفتاء شعبي فكان خيار شرائح كثيرة وفي جولتين على أساس قيام نظام ديموقراطي مستقر بعد مرحلة عسكرية انتقالية كان المأمول ألا تتكرر نهائيا.
والرئيس الذي تم الاعتداء على شرعيته اعتمد دستورا أقره الشعب باستفتاء شعبي حتى حسبنا وتوقعنا أن مصر دخلت عملية سياسية ستكون عريقة ومستقرة بغض النظر عن موقفنا من شخص الرئيس.
إذن، د.محمد مرسي وصل لسدة الرئاسة من خلال انتخابات ارتضاها الجميع مثلما شهد على نزاهتها الجميع أيضاً.
وكالعادة في ترك الأساسيات وملاحقة الهوامش رأينا الانشغال بكون ما جرى ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا! لكن مسار الأحداث يقدم الإجابة وحده فكل ما بعد البيان الذي ألقاه قائد الانقلاب وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي او منفذ «الثورة» يُثبت أن الانقلاب كان مرتبا له ومدبرا بليل فماذا يعني أن يتبع البيان تعطيل الدستور، وتحرك سريع لمجاميع من العسكر تنتهك الحريات من خلال اقتحامها لقنوات فضائية لتغلقها وتعتقل مذيعيها وتتبعها حملة اعتقالات منظمة لكل قيادات الاخوان المسلمين لينتهي المشهد على تعيين رئيس جديد يقسم على دستور معطل؟ الانقلاب لم يتم إلا بعد تأييد مسبق من تيارات سياسية ليبرالية وعلمانية نسفت كل مبادئها التي تشدقت بها طوال مشوارها السياسي فقط لان الرئيس هو أحد المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين، فتأييدهم هؤلاء للانقلاب فرز لنا الغث من السمين وأدركنا عبر هذا الانقلاب من هم المؤمنون بالديموقراطية والحريات العامة ومن هم أعداؤها على ارض الواقع.
أين هم مدعو الفكر الليبرالي من مشهد اقتحام مسكن نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين م.خيرت الشاطر حتى غرفة النوم وهو بجوار زوجته دون الاكتراث لحرمة المنازل بل وتصويره وبثه بالفضائيات المحسوبة على فلول النظام السابق والفضائيات المؤيدة لهذا الانقلاب، وكذلك أين هم من مشهد إطلاق الرصاص على المصلين وهم في سجود موجهين وجوههم إلى ربهم، فهل صمتهم عن مشهد لا يقبله كل شخص لديه أدنى معاني الإنسانية والمروءة فقط لأن من يتم انتهاك حرمتهم وحريتهم هم من الاخوان المسلمين ومن يؤيدهم؟ سواء اتفقنا او اختلفنا مع اداء د.محمد مرسي إلا أن الرجل كان ديموقراطياً داعماً للحريات اكثر من مدعي الفكر الليبرالي فهو لم يغلق اي قناة تعارض حكمه بل حتى بعض القنوات التي أساءت إلى شخصه بشكل سافر لم يتخذ معها أي إجراء غير دستوري، وبغض النظر عن حجة المعارضين للرئيس مرسي فحججهم ومبرراتهم لا تعطيهم الحق في عزله إلا من خلال نفس الآلية التي وصل فيها الى سدة الحكم فمن اتى من خلال الصناديق لا يخرج إلا من خلالها.
نقطة أخيرة: لست محسوباً على الاخوان المسلمين بل خالفتهم وأخالفهم في كثير من الأمور ولكن الحق أحق أن يتبع ولو كان الرئيس غير مرسي لوقفت في الموقف نفسه، فالمهم المبدأ بغض النظر عن الأسماء.
[email protected]