ليس خطأ أن نمتدح شخصا لما قدمه من عمل جيد ورائع، بل إننا نبالغ في مدحه تماما كما نبالغ ونكرر انتقاد من يخطئ، فنحن لا نمارس الكتابة للتركيز على الأخطاء فقط لأن هناك جوانب إيجابية كثيرة في البلد ومن واجبنا تسليط الضوء عليها تماما كما نركز على السلبيات.
والحكومة الجديدة لم تختلف عن سابقتها، بل خسرت قطبا كان صمام أمان لها، وهو الشيخ احمد الحمود الذي لم يتعامل مع كرسي الوزارة كما يفعل غيره، فنحن لم نره يستند الى «شيخته» بل الى شخصيته وهو لم يتعسف عبر منصبه، بل ارتكز على تطبيق واحترام القانون الذي بين يديه والأهم انه لم يستند إلى أي مؤثر خارجي في تعاطيه مع شؤون الوزارة، ولذلك نجح أيما نجاح في أداء عمله بإتقان شديد وبكل أمانة.
الشيخ أحمد الحمود رجل يرى كثيرون ان توزيره أقام توازنا واضحا في المشهد السياسي «قبل مرسوم الصوت الواحد» ورأى كثير من المراقبين ان مجرد دخوله الوزارة حقق توازنا كان مفقودا في ظل الصراعات السياسية الدائرة سواء التي بين اقطاب الأسرة في جانب وبين الكتل السياسية والحكومة من جهة اخرى.
وكما قلت، هذا الأمر يرجع إلى ان الشيخ احمد الحمود لا يستند إلى كونه شيخا فقط، بل إلى شخصيته المميزة التي عرف بها منذ توزيره في التسعينيات عبر العدل والاتزان والتعاطي العقلاني مع الأمور والأهم التعامل القانوني مع كل المتغيرات.
كما أن احمد الحمود لم يتغير سواء أيام توزيره أو بعد خروجه، وكذلك بعد عودته، فالمنصب لم يغيره، ولذا كان في نظر الكثيرين قياديا حقيقيا.
لقد تعاطى الحمود مع منصبه كوزير للداخلية على ثلاثة أوجه: إنساني أولا وقانوني ثانيا وسياسي بالدرجة الثالثة، ولم يأت منذ 6 سنوات لا وزير داخلية او غيره يستطيع تطبيق الأوجه الثلاثة كما طبقها الشيخ الحمود بحنكة سياسية يكاد يتفرد بها عن جميع من سبقه.
لقد أثبت الحمود أنه على قدر كبير من الحنكة السياسية التي قد يفتقدها كثير من الوزراء، ورغم ان الفترة قصيرة إلا انها كانت فترة سياسية حرجة للغاية وحملت اكثر من ملف وقضية، وكلها بشكل متسارع أمامه، وكان يمكن لأي ملف منها ان ينفجر ويؤدي لنتيجة لا تحمد عقباها، ولو كان هناك خلال تلك الاحداث الماضية وزير غيره لكان الوضع في الكويت لا يعلمه الا الله.
الأهم أن الحمود لم يكن طرفا في خصومة سياسية مع أحد ولم يعرف انتماؤه او ميله لأي من أطراف النافذين المتصارعين، وهو ما أكده خلال تعاطيه مع أكثر الملفات حساسية، حيث قدم القانون والاسلوب المدني في حل الملفات، فقد طبق القانون نصا حيثما كان يحتاج الأمر لنص ولجأ إلى روح القانون في حالات أخرى ولم يكابر ولم يتنازل فكان بحق الوزير الذي ادى اعماله بكل امانة وصدق.
نقطة أخيرة: رغم كل ما حصل من أزمات أدت إلى صدام ما بين المواطنين ورجال الشرطة إلا أني أعلم ألم الرجل مع كل صدام ويعلم الله انني اعلم حجم الضغوطات التي لو رضخ لها لأدخل الكويت إلى نفق مظلم لا يعلمه إلا الله، وأعلم أيضا يا شيخ أحمد أنك لو تنازلت عن مبادئ تحملها بداخلك لما خرجت من الحكومة.
وختاما: شكرا يا شيخ أحمد فقد كفيت ووفيت.
[email protected]