المرسوم بالقانون رقم 106 لسنة 1976 صدر في شأن احتياطي الأجيال القادمة، وتدار فلسفة هذا الصندوق من خلال اقتطاع نسبة قدرها 10% سنويا لصالح الأجيال القادمة. والآن وبعدما يقرب من 39 عاما على هذا الصندوق ألم يكن أبناء الجيل الحالي هم ما كان يطلق عليهم في السابق الأجيال القادمة؟ وطالما أن حجم احتياطي صندوق الأجيال القادمة وصل الى حدود 400 مليار دولار، ألم يكن من الأفضل استغلال أموال هذا الصندوق لإنشاء بنية صناعية كبرى في الكويت إذا كنا بالفعل نعمل من اجل تنويع مصادر الدخل؟ ولن أتحدث كثيرا في هذه المقالة عن حجم الخسائر الطائلة التي تعرضت لها الاستثمارات الخارجية الكويتية، ولكن نشير فقط إلى ما تناولته إحدى الصحف المحلية اليومية بتاريخ 25 مايو 2015 عن خسائر هيئة الاستثمار الكويتية المحققة وغير المحققة خلال السنة المالية 2013/2014 حيث ذكرت أنها بلغت نحو 5.379 مليارات دولار، وأكدت الصحيفة أن الهيئة تسببت في تكبد احتياطي الأجيال القادمة خسائر محققة وغير محققة بلغت 427.972 مليون دينار بنحو 1.283 مليار دولار من الاستثمارات والسندات خلال السنة المالية المنتهية، كما كبدت الهيئة احتياطي الأجيال خسائر غير محققة في استثمارات الأسهم المدارة من قبل المكتب الرئيسي بلغت 33.711 مليون دينار.
وتكبدت الهيئة خسائر غير محققة بلغت 1.4 مليون دينار من استثمارها في صندوق أموال سوق المال الذي انخفضت قيمته السوقية من 2.6 مليون دينار الى 1.2 مليون دينار. هذا فضلا عن الخسائر العديدة الأخرى التي تناولتها مختلف وسائل الإعلام. وبعيدا عن لغة الخسائر فكل ما يهمنا الآن ويشغل أذهاننا إلى متى تساهم أموال صندوق الاحتياطي الأجيال القادمة في نهضة اقتصاد الدول الاخرى ونظل نحن نعانى التباطؤ والترهل والضعف الاقتصادي؟! ألم يحن الوقت لنستثمر هذه الأموال في الكويت لنتفادى عجوزات الميزانية في السنوات القادمة؟ وهل يعقل ان توفر هذه الاستثمارات الكويتية الخارجية الوظائف لأصحاب الأعين الزرقاء وفى الوقت نفسه توجد بطالة في دولتنا؟!
وإذا كانت فلسفة احتياطي الأجيال ان نؤمن مستقبلهم من الفقر ألم يكن من الأفضل ان نترك لهم الارضية الصناعية الكبرى والاستثمارات المحلية الضخمة بدلا من تعرض أموالهم للخسائر المتلاحقة، ولتقلبات الأسواق العالمية؟! وأقولها وبكل ثقة عندما تشب الاجيال القادمة على قوة ومتانة الاقتصاد الكويتي فهذا افضل استثمار وأفضل احتياطي للاجيال القادمة، ولماذا ننسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى رجلا فأسا وأمره أن يحتطب ويبيع لئلا يبقى عالة على المجتمع؟ والفأس الذي نقدمه لأجيالنا القادمة هو الأرضية الاقتصادية الصناعية والزراعية والتجارية والمالية بدلا من ان نترك لهم المال وحده وفى الاخير أقول إننا لو تركنا كل أموال الدنيا لهم، ولم نترك لهم التفوق الاقتصادي فستبخر الأجيال القادمة كل هذه الأموال التي خزناها لهم فيما يسمى بصندوق الأجيال القادمة.
[email protected]