لكل عقد واسطته، وعبدالحسين عبدالرضا واسطة عقد الحركة الفنية في الكويت والخليج العربي، اللؤلؤة التي يشده بريقها نحو جمال يطمح الفن الى تكريسه، في نفوس البشر.
كان واحدا من النجوم التي اطلقتها الكويت في فضاء الابداع البشري والفعل الحضاري، استحق مكانته بجدارة، وسعى على الدوام الى فن رفيع هادف، يسلط الضوء على الثغرات، ويؤشر على سبل معالجتها.
بصدق محليته وتمثله مشكلات مجتمعه وأمته من «درب الزلق» مرورا بـ«فرسان المناخ» و«بساط الفقر» و«الحيالة» و«سوق المقاصيص» و«سيف العرب» و«باي باي لندن» التي جاءنا منها خبر وفاته الأليم استطاع مخاطبة قلوب وعقول البسطاء وان يحظى بمكانة خاصة لدى النخب والباحثين عن الفن الجاد.
جاء خبر وفاته ليضفي المزيد من الحزن على حزن القلوب المفجوعة بالكوارث والحروب والتشرد في منطقتنا ولم يجد محبوه سوى الوقوف امام منجزه الذي بات شاهدا على مرحلة من الفن والثقافة الجادة وصبره للوصول الى ذروة الاداء الراقي والهادف.
استطاع بإبداعه نقد الواقع تقديم وجبات القيم بعيدا عن ثقل ظل التلقين، ليبقى مع اقرانه سعد الفرج وحياة الفهد وصقر الرشود وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة لتذكرهم العلامة الفارقة في تاريخ الفن الخليجي والعربي، والإرث والنموذج الذي يضيء الدروب امام اجيال الفنانين.
إلى جانب ارثه الفني ترك عبدالرضا حلما ببناء مجتمع تستطيع نخبه الثقافية والفنية التقاط عيوبه ومعالجتها قبل استفحالها وتوفير المناعة التي يحتاج اليها في عالم تتقلب قيمه مع زوابعه واحداثه السياسية.
كان حضوره قيمة بحد ذاته، يشجع اصحاب الانجازات ويدعمهم ليستمر العطاء، ويتناسل الابداع في الكويت التي اخذت قيادتها الرشيدة على عاتقها ان تبقى البلاد منارة للادب والفن والترجمة، وتظل نبعا يفيض ليرتوي منه كل باحث عن المعرفة.
زرع عبدالحسين عبد الرضا عبر مشواره الفني وبعطائه الدؤوب شجرة، اغصانها مثقلة بالثمر لكل باحث عن الطيبات من الافكار والقيم، يجدر بشبابنا الالتفات لها، والبحث في ظلالها عما يقيهم من بريق اشعة خادعة، تعبث بوعيهم وتضلل عقولهم، وتفسد عليهم سويتهم.
نترحم على الفقيد ونسلم بقضاء الباري عز وجل وقدره، ونسأله ان يسكن المرحوم بإذنه تعالى فسيح جنانه.