نشرت الصحف مؤخرا خبرين على فترتين مختلفتين، الأول أثار ضجة بين الشعب، أما الثاني فلم يحرك ساكنا رغم الترابط الوثيق بينهما. الخبر الأول كان عن مرتبة الكويت في مؤشر مدركات الفساد والذي تبعه تصريح لممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، والذي قال فيه ان المؤشر يعكس «رأيا» لبعض المختصين، وإني شخصيا أتحفظ على هذا الرأي وأمتلك رأيا مخالفا له خاصة إذا عرفنا كيف هذا المؤشر يقاس ولماذا يقاس.
الخبر الثاني هو مشروع الحكومة المقترح والخاص بالتعديلات المقترحة على قانون المحكمة الدستورية، فالحكومة تريد بتعديلاتها امتلاك حق تعيين 3 من أعضاء المحكمة ممن تراهم مناسبين سواء كانوا نوابا أو وزراء سابقين أو محامين أو قضاة، وتريد تحديد فترة العضوية في 4 سنوات قابلة للتجديد شريطة موافقتها.
فإذا علمنا أن أحد أهم العناصر التي تساعد على مكافحة الفساد هو استقلال القضاء بشكل فعلي وليس نصيا، فهذا يعني ان هذه التعديلات تعتبر بمنزلة توجه مضاد ومعاكس لمحاربة الفساد ولاستقلال القضاء ومخالف لما أتى به الدستور من فصل للسلطات وعدم تداخلها، لكون هذه التعديلات تعكس تدخلا بينا وواضحا من السلطة التنفيذية (الحكومة) في شؤون السلطة القضائية وحصولها على صلاحيات به، كما أن هذا التدخل هو تعزيز وترسيخ جلي لتعارض المصالح والذي حرص الدستور على تحاشيه من خلال مبدأ فصل السلطات، فكيف لنا اليوم نطالب بمحاربة الفساد، والحكومة تتوجه بهذا التوجه وتخرق مبدأي تعارض المصالح وفصل السلطات؟ كيف لنا كشعب ان نطالب بمحاربة الفساد ونحن لا نربط بين قضايانا وأثر كل قرار أو مشروع على القضايا الأخرى؟ فنحن نفهم النتائج (مرتبتنا في مؤشر مدركات الفساد) ونتفاعل معها ولا نفهم الأفعال التي تؤدي لتلك النتائج (القوانين والقرارات) لذلك لا نتفاعل معها، وعليه علينا كشعب ان نتعلم ان ننظر للأمور بالمنظور الشمولي الذي لا يرى قضية مفردة لكن يرى قضية او مشروعا او قانونا ضمن منظومة متكاملة تساعد على التكامل في العمل والمردود من خلال فهم العلاقات بين قضية وأخرى وتحديد أثرها على المحورين الأفقي (علاقة القضايا ببعضها) والرأسي (أثرها على المدى الطويل من بعد دراسة نتائجها السلبية والإيجابية بالماضي)، فمبدآ فصل السلطات وتعارض المصالح من أهم أدوات مكافحة الفساد، ومن أهم أدوات الحوكمة التي نسعى لإرسائها في مؤسسات الدولة ليستقيم أمر الإدارة بالبلد وتدخل السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية اليوم سيعزز من الفساد المستقبلي.
www.aliafaisalalkhaled.net