مطالبات المرأة بحقها في المساواة أثارت مؤخرا ضجة أثار فتيلها اعتراض النائب محمد المطير على مبادرة البورصة الكويتية في حفل «قرع الجرس» بيوم المرأة العالمي، والذي رفع شعار «مساواة المرأة»، وهذا الاعتراض بدوره أظهر مدى تخاذل الحكومة وضعفها وانصياعها لتهديد النائب المطير وقامت بتغيير شعار الحفل من «مساواة المرأة» إلى «تمكين المرأة» كاحتواء للأمر، اعتراض النائب وتصرف الحكومة السلبي عكس بدوره عدم وضوح المفاهيم ومغالطاتها لدى الطرفين والناتجة عن لخبطة الأفكار والمعاني المتداولة لدى الحكومة والشعب، فمعنى المساواة يختلف عن التمكين ولكل منهما مقصد مختلف عن الآخر.
والتعريف بمعنى عام لا يعكس أحيانا محدودية المقصد المراد بالكلمة في مجال ما اي في التطبيق، فالمعنى شرح عام وشامل بينما التطبيق تخصصي وأدق تبعا للموضوع وغايته ونتائجه.
وحتى نفهم ذلك علينا ان ندرك أن المساواة لا تعني العدالة، لكن العدالة تعني المساواة، وإذا فهمنا هذا المفهوم سنعرف كيف كان اعتراض النائب المطير يعكس رأيه ووجهة نظره، فالمساواة كمبدأ تعني المعاملة بالمثل والتساوي بالفرص التعليمية والصحية وبالعمل وفي المشاركة بالقرارات دون تفرقة سواء كانت على أساس عرقي، ديني وجنسي، هذا التعريف العام له استثناءات ناتجة عن واقع التطبيق الحياتي، فلا يمكننا تخيل مساواة طالب ذي قدرات تعليمية بسيطة مع طالب صاحب قدرات تعليمية طبيعية بحجة المساواة فهذا لا يعتبر عدلا، كما لا نقبل تقديم مستويات تعليم مختلفة الصعوبة لطالبين متقاربين بالقدرات وفي نفس المستوى التعليمي لأن هذا أيضا لا يعتبر عدلا، وهنا العدالة مطلوبة، لكن بالوقت نفسه اختلاف القدرات وضعفها لا يعني انتفاء الحق، أي لا يعني عدم أحقية الطالب صاحب القدرات الضعيفة بالتعليم.
واذا قبلنا بهذا المبدأ فلنحاول عكسه على حادثة نورة الشمري، كمثال، والتي جلست محتجة أمام مبنى البورصة الكويتية رافعة لافتة تعكس معاناتها بسبب القوانين والأعراف التي منعتها من توفير سكن لنفسها ولأبنائها كونها امرأة، فواقع مفاهيمنا يرى المرأة انسانة لكنها بحاجة لرعاية وهي بذلك كالطالب الذي يمتلك قدرات تعليمية لكن ضعيفة، وهذا الضعف لم يحرم الطالب من حقه بالتعليم لكنه كان سببا ليحرم المرأة حقوقها، وهذا المفهوم الناقص جعل المشرع يسلبها حقها الإنساني في السكن، وعليه فالعدالة بقضية نورة الشمري تقول إنها «ظلمت كإنسانة» كون السكن حقا إنسانيا ولا يفرق بين جنس وآخر، والمساواة تقول «لم ينصفها القانون» على مسطرة المساواة والذي اعتبر مسؤولية المرأة ملحقة بالرجل، وفي المقابل لم يضع أي اعتبارات أو عقوبات أو إجراءات إذا أخل الرجل بهذه المسؤولية.
الموروثات الثقافية وتداخلها بالدين جعلت من المبدأ استثناء ومن الاستثناء أساسا، فالمساواة تنطلق من المبدأ «اي التعريف العام»، ومن ثم تستثني تبعا للتطبيق والاستثناء لا يلغي الحق، وعلى ذلك لا يمكننا وضع قوانين باسم العدالة تبعا لموازين عوجاء للمساواة بسبب معتقدات واعتبارات ثقافية موروثة لأنها لا تحقق العدالة التي هي عكس الظلم.
فاليوم لدينا مطلقات وأرامل وكويتيات متزوجات من غير كويتي يطالبن بحقوقهن لكن غدا القريب سينضم لهن نساء لم يتمكنّ من الزواج، وسنّة الحياة تجعلهن يواجهن الحياة لوحدهن من بعد وفاة الوالدين وتقاسم بيت الوالدين بين الورثة، وواقع حياتنا وصعوبتها المتزايدة تجعل الرجل يولي أولويته لأسرته الصغيرة، فما حلول الحكومة والمجلس تجاه هذه الأزمة المتزايدة؟ هل هي الحلول الترقيعية بوضع شقق وبيوت للمرأة على أطراف المدينة بالمناطق الخارجية، معزولات كأن بهن وباء، الذي لا يعكس رعاية الرجل للمرأة المزعومة والذي سيجعل المرأة مع أبنائها على هامش المجتمع منتقصون؟
وكما قال سقراط: «العدالة ليست مسعى فرديا لكنها مكوّن اجتماعي».
www.aliafaisalalkhaled.net