تمر اليوم الذكرى العاشرة لوفاة فارس الكويت وسعد العروبة، المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ سعد العبدالله السالم المبارك الصباح حفيد أسد الجزيرة العربية، طيب الله ثراه.
إن الهوية الكويتية تتميز بأنها تستمد جذورها عبر قرون طويلة من تاريخ الأمة العربية، واستكملت تلك الجذور بعد ذلك من آل الصباح الكرام، وما يدفعها للمحافظة على جذورها الممتدة في أعماق تاريخها المواكبة لمكانتها بين الأمم التى تستلهم ماضيها المشرق، ولا تنسى حاضرها وتتطلع الى مستقبل أفضل من الحاضر.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أكرم الكويت على مر عصورها بأن وهبها رجالا كثرا وهبوا حياتهم لها، فكانوا فداء لأرضها وسداً منيعاً يقف حائلا بينها وبين الطامعين بها، فقد كان المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله في مقدمة هؤلاء الرجال، فقد كان قائدا من الطراز الفريد، وقد تميز بحبه الكبير للكويت وتضحياته الكثيرة لشعبها والتي لم تتوقف طوال حياته، وقد سجلت الأيام بطولاته، وسطر صفحات ناصعة في تاريخ الكويت وشهد له القاصي والداني من دول العالم.
إنه حقاً نعم الرجل الذي أحب الكويت وأهلها، عمل طول عمره لأجل الكويت، أحب فيها الوطن والأهل فأحبه أهل الكويت وأحبه ثرى الوطن.
لعب رحمه الله دورا كبيرا في تقدّم الكويت، ولعب دورا كبيرا في حياة أمته العربية ولا يمكن ان ينسى احد دوره في إخراج الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من عمان بعد ان كان محتجزاً في سبتمبر 1970 أثناء الأزمة الكبيرة التي حدثت في تلك الفترة بين المملكة الاردنية الهاشمية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ولإيمان الشيخ سعد العبدالله بأن ياسر عرفات يمثل الرمز الفلسطيني ولابد من إنقاذ هذا الرمز استطاع سموه بمساعدة وزير الحربية المصري الأسبق الفريق أول محمد أحمد صادق وعدد ممن كانوا معهما أن يخرجوا عرفات من الأردن عبر السفر على متن طائرة إلى مصر متخفياً في بشت الشيخ سعد العبدالله الذي كان وزير الدفاع آنذاك.
اننا لا نضيف جديدا عندما نتحدث عن الانجازات والمواقف البطولية التي جرت على يد المغفور له الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله، الذي خدم القضايا الرئيسية للوطن والأمتين العربية والإسلامية في ضوء سياسته الرامية إلى وحدة الصف العربي ودعم القوى السياسية والاقتصادية بمنطقة الخليج والجزيرة العربية، وكان له الدور الفعال والمؤثر في حشد القوى الدولية لنصرة الحق الكويتي، وإعادة الكويت دولة حرة مستقلة ذات سيادة على أرضها.
ولا يمكن أن ننسى انسانية الأمير الوالد الراحل الذي يشهد له الجميع فقد كان يتعامل مع من حوله على أنهم ابناء ولم يغلق بابه ابدا امام سائل ولم ينقطع عن تلمس هموم واحتياجات المواطنين من خلال تواصله معهم بالدواوين ومتابعة الصحف اليومية التي تسلط الضوء على هذه الهموم، ولا ننسى اهتمامه بأهل الكويت وذوي الخبرة والاستفادة منهم، فقد كنا بمعيته في رحلة الى دول المغرب الاقصى الى تونس بعد مؤتمر القمة العربية بالقاهرة في اغسطس 1990 حيث كان بالمطار الفريق المتقاعد علي المؤمن رئيس الاركان السابق بالاستقبال وكان هناك يعمل بمقر الجامعة العربية فقال له سموه هيا معنا الى السعودية لمشاركة زملائك بالجيش وقوات التحالف لتحرير الكويت، فالكويت بحاجتك وأمثالك، فلبى الأمر وقال كلنا فداء الكويت ثم عاد للسعودية وانخرط مع زملائه بالسلاح فوراً.
نعم لن ننساك ما حيينا ولن تشغلنا مناسباتنا الخاصة او سفرنا فهناك من القادة من يخلدهم التاريخ: تبرز سموك من بينهم شامخاً شجاعا صلبا بطلا لا يشق له غبار، وفي كل المواقف الوطنية والحضارية والإنسانية التي تستحق ان يخلدها الوطن يستذكر الكويتيون جميعا صغيراً وكبيراً المرأة والرجل دور القائد الكبير، فقد كان فضل الله على الكويت عظيماً حين أنعم عليها بقيادة أبوية حانية ممثلة بالمغفور لهما بإذن الله تعالى جابر الكويت، وسنده ومعينه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، وما يحملانه من حكمة وشجاعة وسعة أفق في مواجهة كل الظروف والأوقات في السراء والضراء، فكان كل من في الكويت مواطنين ومقيمين على وعي تام بذلك، وكانوا أشد حرصاً على الوقوف وراء تلك القيادة الشرعية ولاء ومحبة وتأييداً.
وسيبقى الجميع يستذكرون بالتقدير عملهما الخالد ومعهما رفيق دربهما صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حين كان نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية حفظه الله ورعاه صاحب الحنكة السياسية وبعد النظر لتظل الكويت راسمة الامن لأبنائها والمقيمين على ارضها الطيبة وان يتحقق لها المستقبل الزاهر والفجر الموعود.
يا أبا فهد ستبقى في قلوب اهلك كما كنت في نفس المكان في اعماقنا. في ذاكرتنا سنظل نذكرك ونذكر نجاحاتك، وابتسامتك يا من احب الكويت وذاب فيها عشقاً: فأحبته الكويت وأهلها، رحمك الله يا أبو فهد يا سعد العبدالله السالم الصباح.
وفي الختام، رحم الله أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد الجابر المبارك الصباح، ورحم الله بطل التحرير الشيخ سعد العبدالله السالم المبارك الصباح، وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه في ظل القيادة الحكيمة لسمو الأمير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه صمام أمان الكويت بعد الله عز وجل وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح رعاه الله.